مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب: متي تعود الثقة بين “المواطن” والنائب”؟

ظاهرة تتطور.. ووضع يزداد غرابة وخطورة.. فجوة تتفاقم بين المواطن ونائب البرلمان في كثير من الدوائر.. وأزمة تستحق دراسات وكتب ومقالات ومناقشات للمواجهة.. تحدي كبير يحتاج لوقفة من أصحاب القرار لعلاج هذا الفتور، والإجابة عن كل التساؤلات المشروعة: لماذا تفاقمت العلاقة بين الطرفين؟.. لماذا انعدمت الثقة وغابت الرؤى في إحداث التوافق بينهما؟.. لماذا كل هذا الكم من التخوين والتشويه والنقم الذي يحيط بتلك العلاقة؟.. لماذا أصبح نائب البرلمان في مرمى الاتهامات؟.. متي تعود الثقة بينهما؟.

تطور غريب في العلاقة وصل لحد التناقض التام من الطرفين قبل الانتخابات وبعد الفوز.. تناقض في كل التعاملات والوعود.. نقم وهجوم واتهامات كثيرة ساهمت في تشويه الرسالة العظيمة التي أسست عليها تلك العلاقة وأنشئ لأجلها البرلمان.. فالنائب مشرع للقوانين ومراقب لآداء وعمل المسئولين في مؤسسات الدولة.. مقاتل شرس في معركة الفساد.. وصوت المواطن أمام أصحاب القرار.

اختلط علي الكثير من المواطنين الأمر، وأصبحوا غير قادرين علي التفرقة بين اختصاصات النائب وصلاحياته وإمكانياته.. في الوقت نفسه لدينا نماذج عديدة من النواب سمحوا بتفاقم فجوة بينهم وبين أبناء دوائرهم.. قصروا في التواصل والاستماع لمشكلات الناس.. وفشلوا في الوفاء بوعودا قطعوها علي أنفسهم.. وساهموا في المزيد من الهجوم والاتهامات وتشويه تلك العلاقة .

لا أعمم التقصير علي كل النواب، فالتعميم ظلم كبير، بل رؤية غاب عنها الإنصاف، فلدينا نماذج مشرفة بالعديد من الدوائر خاضت التجربة بجدارة وشرف.. وكانت بعيدة تماما من البداية عن المعارك والمشاحنات ودوائر الجدل وشبهات المال السياسي.. بل استطاعت في فترة قصيرة من عمر المجلس الاستحواذ علي نصيب الأسد من الثقة والدعم والاحترام.. واستطاعت بجداره تقديم الخدمات والدعم والمساندة قدر الإمكان لأبناء دوائرها.

عودة الثقة التي غابت بين طرفي هذه المعادلة إلي المجتمع أمر غاية في الأهمية الفترة المقبلة، خاصة وأن العلاقة بينهما قائمة في الأساس علي مبادئ الدعم والمساندة، ومنح الثقة فيما يخص مصالح الوطن والمواطن.. وإن كان هناك حب وثقة وإجماع علي نماذج برلمانية في بعض الدوائر، فالكثير منها أيضا يعيش حالة من الاستياء والندم والشعور بالخذلان .

الوضع يحتاج لإجراءات عديدة وعاجلة لإصلاح الخلل الذي أصاب العلاقة بين النائب والمواطن وعودة الثقة كاملة بينهما.. تبدأ من النائب الذي يحتاج لأن يتذكر دائما أن تمتعه بحصانة المجلس أو وجودة تحت قبة المجلس لم يكن بقرار تعيين أو بحصوله علي تقدير جامعي عال، بل ثقة أبناء دائرته وإجماعهم عليه داخل الصناديق.. كما أن المواطن عليه أن يتفهم طبيعة الدور الذي يؤديه عضو البرلمان والبعيد عن المصالح الشخصية وخدمات “كله بالحب”.

وأخيرا وليس آخرا يبقي علي الدولة هي الأخرى ممثلة في كل مؤسسات التواصل مع الناس، الدور الأكبر في البدء بخطوات تصحيح هذه العلاقة.. وتكثيف منابر التوعية بأهمية الدور الكبير الذي يلعبه البرلمان في مصر.. إضافة إلي التوعية بصلاحيات النواب التي حددها القانون والدستور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى