أخبار

مراسل بي بي سي في خان يونس: “هكذا أصبحت عائلتي بلا مأوى مجددا”

(وكلات)

كانت عقارب الساعة تقترب من الثالثة مساء في غزة يوم الثلاثاء، وكنت أتهيأ للظهور على الهواء مباشرة عبر شاشة بي بي سي، عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من زوجتي– لم أكد أتبين منه شيئا بسبب بكائها وصراخ الأطفال في الخلفية.

كانت الأوامر قد صدرت بإخلاء المنزل الذي نقيم فيه، وحذّر الجيش الإسرائيلي بأن سلاحه الجوي سيقصف المبنى المجاور.

وقلت لزوجتي خُذي الأطفال وغادري على الفور. زميلي محمود كان غير بعيد، اتصلت به هاتفيا وطلبت منه المساعدة.

وتعدّ هذه هي المرة الثانية في غضون خمسة أيام التي تغادر فيها عائلتي من مكان تقيم فيه– استباقا للقصف الإسرائيلي.

في يوم الجمعة الماضي، كنا قد حزمنا أمتعتنا من منزلنا في مدينة غزة، بعد أن حذّر الإسرائيليون كل سكان شمالي غزة بضرورة النزوح صوب الجنوب حرصا على سلامتهم.

ونزحنا برفقة والد زوجتي وأختها وعائلتَيهما. ومثل الآلاف من العائلات الأخرى، اتجهنا إلى مدينة خان يونس حيث قضينا ساعات وساعات بحثا عن مكان نقيم فيه.

ولم يكن الأمر سهلا؛ فمدينة خان يونس بالأساس تغصّ بنحو 400 ألف نسمة، وبات مطلوبا منها أن تؤوي أكثر من مليون إنسان.

وفي نهاية الأمر عثرنا على منزل وافق أصحابه أن نشاركهم العيش فيه نحن وعائلة أخرى. وكان ظنُّنا أن المنطقة التي نزلنا بها آمنة كونها تغصّ بالسكان.

لكن ما لبث صاحب المنزل أن تلقّى اتصالا هاتفيا. وعرّف المتصل عن نفسه بأنه جندي إسرائيلي توصّل إلى اسم مالك العقار ليُبلغه بأن عليه إخلاءه لأن المبنى المجاور له (على مسافة بضعة أمتار) سيتعرّض للقصف.

واضطررنا جميعا أن نغادر إلى مسافة آمنة، تاركين وراءنا الكثير من ممتلكاتنا. ولم يكن في إمكاننا أن نعرف التوقيت الدقيق الذي ستقصف فيه إسرائيل المبنى– هل هو بعد خمس دقائق أو في اليوم التالي؟

ووجّهتُ عائلتي بالذهاب إلى مستشفى الصليب الأحمر، على مسافة 700 متر.

وهكذا بِتنا بلا مأوى مجددا. وقد طرقتُ باب منزل قريب من مستشفى وسألتُ أهل هذا المنزل أن يعتنوا بزوجتي وأطفالي لبضع ساعات، ريثما أتدبّر أمري.

والحق أنني لا أعرف ماذا أفعل– من الصعب أن أكون مراسلا وأن أحاول في الوقت ذاته أن أرعى عائلتي على هذا النحو. إنني أجاهد في سبيل تأمين الطعام والماء لهم. وها نحن الآن بلا مأوى.

لقد قمت بتغطية الحروب السابقة في غزة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تأثرت فيها عائلتي.

يمكنني أن أتعايش مع خطر يحدق بي أنا، لكن عندما يخيّم هذا الخطر على عائلتي أيضا، فإن ذلك يشعرني بالذنب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى