تقارير و تحقيقات

بعد جدل “البيض العضوي”.. من أين لنا كل هذا الأورجانيك؟

كتبت: مروة محي الدين

مع الضجة التي حازها “البيض الأورجانيك” في حديث المستهلك المصري، الذي عاش لسنوات طويلة يحصل على البيض من إنتاج الأعشاش المحلية الصنع في المنازل، كان السؤال الذي طرح نفسه على الجدل: من أين جاء البيض الأورجانيك؟ ومتى كان في مصر مثل هذه المنتجات؟

ما هو “الأورجانيك”؟

ولنجيب على أسئلة المستهلك بحثنا عن أصل كلمة “أورجانيك-Organic” هي كلمة إنجليزية تعني “عضوي”، ووفقًا لتعريفها الاصطلاحي تعني الإنتاج الغذائي الذي يعتمد على مصادر عضوية في النمو والإنتاج من الطبيعة، فلا يحتوي مواد كيميائية او كربون او هرمونات مصنعة، فكيف يكون ذلك في إنتاج البيض الذي يتم الحصول عليه بالأساس بطرق طبيعية- إذ ليس هناك طرق كيماوية لتصنيع بيضة دون دجاجة؟

كما تعلن الشركات المنتجة لهذا النوع من البيض: أنه يتم الحصول على البيض العضوي الخالي من الملوثات والمواد الكيماوية عبر الاعتناء بالدجاج المنتج لهذا البيض، فيتم تغذية الدجاج على محاصيل طبيعية خالية من الأسمدة والكيماويات الزراعية، ولا يتم حقنها بالهرمونات، ولا تستخدم معها الأعلاف المصنعة، ولا يتم علاجها بالمضادات الحيوية والكيماويات.

إذن أساس البيض الأورجانيك -مرتفع التكلفة- أن يتم تغذية الدجاج في المزرعة كما كانت تتم تغذية الدجاج في أعشاش المنازل قديمًا. وإنما أضيفت الكلمة اللاتينية لتضفي ذلك البريق على المنتج المعروف في الحياة المصرية، فيباع المألوف للمستهلك على أنه “منتج ذو طبيعة خاصة”. وعن إضافة عناصر غذائية أعلى لهذا البيض مثل: الأوميجا 3 وفيتامين أ وفيتامين د وفيتامين إي، فهذا يعيده إلى نقطة الصفر حيث أنه بيض دخلت عليه اليد البشرية بإضافات مصنعة قد يكون لها أثار جانبية على الصحة، ومن ثم تنزع عنه صفة “عضوي – organic”.

أورجانيك… مجرد اسم:

بدأ تسويق البيض الأورجانيك عام 2002، حينما قررت شركة (الأحمدية)- لتوزيع الموادج الغذائية- إدخال البيض المغلف للسوق المصري، وبدأت في ترويجه في سلاسل السوبر ماركت الكبيرة مثل : مترو- هايبر وان- سبينيس- خير زمان- كارفور…إلخ، وانتشرت منتجاتها عبر فروع هذه الأسواق في محافظات الجمهورية، ثم تغير اسم الشركة عام 2008 إلى “أورجانيك” فأصبحت منتجاتها تروج باسم منتجات “أورجانيك”، لكن الشركة استفادت كثيرًا من دلالة الاسم على أن المنتج ذو طبيعة خاصة، لتغزو منتجات “أورجانيك” الأسواق وتأسر نوعًا بعينه من المستهلكين، ليس في البيض وحدة وإنما في جميع المنتجات الغذائية التي تغلفها أو تصنعها الشركة، ومع انتشار الأمراض المرتبطة بتلوث الأطعمة ازداد بريق الاسم ودلالته لمعانًا، فأصبح مفتاح شركات تغليف وتصنيع المواد الغذائية للوصول لقلب المستهلك، فكلما أضيفت الكلمة لمنتج أصبح صمام الأمان الذي يدفع المستهلك لشرائه، حتى لقد أقدمت بعض مزارع الخضر على توزيع منتجاتها تحت مسمى “الخضار/ الفاكهة الأورجانيك”، لتبرر ارتفاع سعرها عن المعروض في السوق.

أما عن البيض فقد اتسعت دائرة الإبهار حول المنتج، لتصل به أنه حاصل على شهادات في جودة التصنيع، دون أن يضع المروج لهذه المنتجات في اعتباره “شهادات الخبرة” التي تحوزها كل امرأة مصرية في بيتها، في تربية الدواجن وإنتاج البيض- الذي كانت تحقق منه اكتفاءً ذاتيًا مهما كانت اسرتها كبيرة، وبالغ المروجين “للبيض العضوي” في حملاتهم فجعلوا للبيض جذورًا عائلية يعيب المستهلك ألا يعرفها، فانتشرت الحملات الخاصة بالبيع تحت شعار”ليه نشتري بيض منعرفش أصله، لما ممكن نشتري البيض الحاصل على شهادات عالمية ومصرية في الجودة”.

فهل يوجد على أرض الواقع ذلك البيض الحاصل على شهادات عليا؟

ينفي كل خبراء الإنتاج الحيواني والداجني بوزارة الزراعة حقيقة ما يروج عن “البيض الأورجانيك”، مؤكدين على أن كلمة “أورجانيك” ليس لها دخل في طعم المنتج أو لونه، وأنه لكي يكون البيض اورجانيك يجب ألا يكون الدجاج حصل على أي تحصينات أو مضادات حيوية، كما لم يأكل أي شيء من الأرض ولم يأكل الذباب وهو ما يخالف طبيعة الطيور، وعليه فهو أمر غير موجود في مصر.

وفي هذا يقول الدكتور محمد شافعي- نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن وعضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية- لموقع بلدنا اليوم: ” الدجاج الذي يتم تربيته في المنازل والمزارع تضع بيضا أورجانيك”.

كما تؤكد مصادر بوزارة الزراعة أن الطيور الخالية من المسببات المرضية موجودة في مزرعة تابعة لمركز البحوث الزراعية بمحافظة الفيوم، وإنتاجها من البيض يستخدم في الأغراض العلمية لتصنيع الأمصال وليس للاستهلاك المحلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى