تقارير و تحقيقات

كارثة غير مسبوقة في تاريخ ليبيا… ماذا حدث في درنة؟

في الـ11 من سبتمبر الجاري، توجه الإعصار “دانيال” إلى ليبيا فضرب بنغازي والجبل الأخضر، وصنع كارثة في مدينة درنة، بعدما تسبب في انهيار سدين ضخمين تم إنشاؤهما منذ عقود لحمايتها من الفيضانات.

ورغم أن الفيضانات ضربت العديد من المناطق، إلا أن الكارثة الكبرى حدثت في مدينة درنة، حيث قدرت الأمم المتحدة حصيلة الضحايا بنحو 11 و300 قتيل، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود.

كارثة الفيضانات في ليبيا التي حدثت بسبب إعصار دانيال
كارثة الفيضانات في ليبيا التي حدثت بسبب إعصار دانيال

ورغم نفي الهلال الأحمر الليبي لهذه الإحصائية التي نسبتها له الأمم المتحدة، إلا أن الواقع يشير إلى أن الحصيلة النهائية للضحايا ستكون بأرقام غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن هناك نحو 36 ألف نازح بينهم 30 ألفا من درنة وحدها.

وإضافة إلى حصيلة القتلى والمفقودين، الذين يمثلون نتائج مباشرة للكارثة، فإن هناك نتائج غير مباشرة تحدثت عنها الـ”يونيسف”، التي ذكرت أن هذه الكارثة ستؤثر على نحو 300 ألف طفل في ليبيا.

كارثة الفيضانات في ليبيا التي حدثت بسبب إعصار دانيال
كارثة الفيضانات في ليبيا التي حدثت بسبب إعصار دانيال

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في تقرير عبر موقعها الرسمي في الـ14 من سبتمبر الجاري، إن العاصفة “دانيال” دمرت مجتمعات كاملة وجعلت الأطفال عرضة للإصابة بالأمراض، التي يمكن أن تنتقل عن طريق المياه الملوثة، إضافة إلى المخاطر التي يتعرضون لها بسبب فقدان الخدمات الأساسية اللازمة لحياتهم.

وقالت المنظمة إنها تحتاج إلى تقديم مساعدات عاجلة تصل إلى 6.5 مليون دولار أمريكي، لتقديمها فورا إلى للأطفال والعائلات المتضررة في مناطق أبرزها درنة والبيضاء وبنغازي والمرج.

رئيس أركان القوات المسلحة الفريق أسامة عسكر يزور ليبيا يتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي
رئيس أركان القوات المسلحة الفريق أسامة عسكر يزور ليبيا يتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي

وبينما تشير تقارير إلى أن عدد سكان درنة يقدر بـ90 ألف شخص، فإن تقارير أخرى تتحدث عن أن الفيضانات تسببت في اختفاء ربع المدينة، وهو ما يجعل الأرقام التي يتم تداولها عن الحجم الهائل من الخسائر البشرية أمرا متوقعا.

وقال عثمان عبد الجليل، وزير الصحة في الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان إن فرق الإنقاذ تواجه صعوبات كبيرة في العمل داخل مدينة درنة بسبب ضعف الاتصالات والأوضاع الإنسانية المأساوية، بينما أعلن المجلس الرئاسي الليبي مدن درنة وشحات والبيضاء مناطق منكوبة.

كارثة الفيضانات في مدينة درنة الليبية وآثارها على الأطفال
كارثة الفيضانات في مدينة درنة الليبية وآثارها على الأطفال

ويحذر خبراء من تفشي العدوى بسبب الأعداد الضخمة من الجثث التي راحت ضحية الفيضانات ووجود أعداد كبيرة غير مكتشفة حتى الآن بصورة يمكن أن تتسبب في انتشار بعض الأوبئة.

ما قصة السدين؟

يشهد تاريخ درنة بتعرضها لفيضانات متكررة منذ أربعينيات القرن الماضي، ما دفع الحكومة إلى إنشاء سدين لحماية المدينة خاصة بعد فيضان عام 1959 المدمر، وتم بالفعل إنشاؤها جنوبي المدينة درنة بارتفاع نحو 40 مترا، ويشمل ذلك السد العلوي الذي يعرف بـ “سد البلاد” بسعة تخزينية تبلغ 1.5 مليون متر مكعب من المياه، إضافة إلى السد السفلي “سد أبو منصور”، الذي تبلغ سعته التخزينية 22.5 مليون متر مكعب.

ورغم أن السعة التخزينية للسدين أكبر من حجم المياه التي تسبب فيها الفيضانات وفقا للتقديرات الحكومية، إلا أن سرعة التدفق كانت سببا في انهيار السد العلوي بصورة مفاجئة منحتها قوة دفع أكبر تسبب في تفجير السد السفلي وتدفق المياه بسرعة هائلة نحو المدينة نسفت في طريقها جميع الطرق والجسور قبل أن تجرف المباني والمركبات نحو البحر في وقت قياسي.

وتحدثت وسائل إعلام عن أن السبب في انهيار السدين هو غياب الصيانة الدورية المفترض إجراؤها لهما منذ عقود.

كما أشارت إلى أن غيار التخطيط السليم وعدم امتلاك وسائل إنذار مبكر ساهم في تفاقم الكارثة، التي رصدت بعض جوانبها صور أقمار صناعية تظهر اختفاء أحياء كاملة من مدينة درنة الليبية.

وأرسلت العديد من الدول فرق إنقاذ للمساعدة في جهود الإنقاذ في ليبيا وكان في مقدمتهم فرق الإنقاذ المصرية، خاصة أنه هناك مصريين بين الضحايا، حيث أرسلت مصر مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والمعدات إلى الشعب الليبي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن مصر لن ترك أي من جثامين أبنائه ليدفن خارج البلاد، حسبما ذكر اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي،، الذي أوضح أنه تم استخراج جثامين 79 مصريا وإعادتهم إلى أرض الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى