مقالات

سيف القذافي وبوهادي والأول من سبتمبر

بقلم: عبد الستار حتيتة

تصدر بين حين وآخر تسريبات منسوبة لسيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، تؤدي إلى إثارة اللغط عن مكان تواجده، ومستقبله، في ليبيا. لقد أصبح مطلوبا منه أن يعلن عن نفسه، بأكثر من السابق، بالنظر إلى المشاكل الكبيرة التي أصبحت تتعرض لها قبيلته والقبائل المناصرة لها، وآخرها قضية حصار منطقة أبو هادي، قرب مدينة سرت، بسبب رفع بعض الشباب للأعلام الخضراء التي تعبر عن فترة حكم والده.

إن أنصار نظام القذافي، أو الذين يحنون إليه، يتزايدون في ليبيا، بسبب الأوضاع المتردية التي أفرزها حكم من جاءوا بعده. ومع ذلك، يظهر أن سيف الإسلام لا يريد أن يستغل هذه الأجواء. ولا يريد أن يقول ها أنا ذا. يبدو كمن ما زال يخشى أمراً ما. فحتى الآن، يصعب الزعم بأنه معروف المكان على وجه الدقة. هل ما زال يقيم في منطقة الزنتان غربا طرابلس، أم أنه تركها ويقيم في منطقة نائية جنوب مدينة سبها، في إقليم فزان، أم ماذا؟       

يمكن القول إنه ليس هناك إلا قلة تزعم معرفة مكان سيف بالتحديد. وتوجد رغبة في أن يبقى موجوداً، لكن هل مثل هذا الوجود الغامض يكفي في هذه المرحلة؟ خاصة وأن كثيراً من الليبيين لا يعرفون كيف يتعاطون مع ذكرى تولي والده الحكم عام 1969، والتي تحل يوم الأول من سبتمبر. وما العمل إذا ما تعرض حاملو الأعلام الخضراء، في ذلك اليوم، للحصار مثلما يجري في بوهادي؟  

عقب قرار العفو عن سيف قبل 2018، قال أنصار له إنه سيترشح لرئاسة ليبيا. وبالفعل. مر الوقت وتقدم بأوراق ترشحه في 2021، لكن الانتخابات لم تتم. وفي تلك المرة جرى جس نبض الشارع عن ابن القذافي. وأقر ألدُّ أعدائه ممن قادوا الانتفاضة المسلحة ضد حكم والده في 2011، إنه إذا ترشح للرئاسة في انتخابات نزيهة، فقد يفوز بأكثرية أصوات الليبيين. ومن هنا يزعم البعض أنه لهذا السبب جرى تعطيل إجراء الانتخابات، من الأساس!

يربط عدد من المراقبين بين توجهات سيف الإسلام، التي يقال إنها ما زالت تشبه توجهات والده في العداء للدول الغربية، وبين المماطلة من جانب أطراف في المجتمع الدولي في إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا. فهل حقاً ما زال سيف الإسلام يحتفظ بتوجهات والده؟

لقد كانت هناك تسريبات تزعم أنه يقوم بالتنسيق مع دول غربية من أجل تعضيد وجوده في المشهد السياسي مستقبلا. وطفت مثل هذه الأقاويل على السطح عقب إجراء إحدى الصحف الأمريكية لقاء حصري معه، منذ نحو عام. وقتها جرى الحديث عن اتصالات له مع دول محسوبة على حلف الناتو الذي شارك في إسقاط حكم القذافي!

وما هي إلا بضعة أشهر حتى ظهرت تكهنات مغايرة تتحدث عن أن السبب وراء عرقلة ترشحه للرئاسة، هي دول على خصام مع روسيا، وأن تلك الدول تعتقد أن لسيف الإسلام علاقات تحتية مع موسكو. وأشيع حينها أحاديث تذكر أن وفداً ليبياً من سيف الإسلام، برئاسة رجل يدعى “القيلوشي”، يبحث مع مسؤولين روس دعم ابن القذافي.

وعلى العموم.. في كل مرة تنتهي التسريبات دون أن يوجد لها واقع على الأرض. أو هكذا يبدو الأمر. إلا أن المتاجرة بمواقف نجل القذافي، لم تتوقف على الخارج، بل تلاعبت بها عدة أطراف داخلية أيضاً. لديك الصراع بين رئيس الحكومة المنتخبة من البرلمان، برئاسة فتحي باشاغا، ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة. الكل يسعى لزيادة مؤيديه من خلال إطلاق رسائل إيجابية لأنصار النظام السابق.    

كما أن الجماعات الإرهابية دخلت على الخط. لقد شاع في دهاليز التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المتحالف مع الجماعة الليبية المقاتلة، أن التنظيم تلقى رسائل إيجابية من سيف الإسلام. وأنه يمكن أن يحقق معه ائتلافا لحكم البلاد. وألف الإخوان قصصا، منها ربطهم بين عزم الجماعة تنصيب رجل يدعى “البناني”، كمسؤول في الإخوان، وقولها إنه من الأصدقاء القدامى لسيف الإسلام، وأنه من أصدقاء “القيلوشي” أيضا.

ومع ذلك، وهذا أمر لا يخفي على أحد، توجد كراهية من كل هؤلاء، لرجال القذافي. ومن المعروف كذلك أن الكثير من الضباط ورجال الأمن، من النظام السابق، ما زالوا في السجون. وهم مسجونون منذ 2011 حتى اليوم في مواقع لا تخضع للقانون. ويتم التنكيل بهم. وعلى رأس هؤلاء عبد الله السنوسي، رئيس الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي.

آن الأوان لظهور سيف الإسلام، وأن يتواجد بشحمه ولحمه على الساحة، وأن يقول كلمته، وأن يدافع عن أنصاره وعن أنصار النظام السابق، في عموم ليبيا، بغض النظر عن الاستقطاب الدولي والمحلي.

وأياً ما كانت شعبيته، سواء أقل من خمسين في المائة، أو أكثر منها، فإن سيف الإسلام عليه أن يخرج، مع قرب يوم الأول من سبتمبر، ليقول للجميع، ها أنا ذا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى