تقارير و تحقيقات

أسرار أول دستور للطب عند الفراعنة

كتبت: بسمة إبراهيم

في هذه الحلقة نكشف كيف برع القدماء المصريين في الطب حتى كانوا المصدر الأول لعلاج الحكام والملوك والسلاطين في جميع دول العالم في ذلك الوقت، وهو ما يكشفه خبير السياحة العلاجية العالمي الدكتور عبدالعاطي المناعي رئيس مجلس إدارة مؤسسة ترافيكير للخدمات الصحية والتدريب، ورئيس مجلس أمناء المؤسسة الأفراسيوية للسياحة الصحية، في كتابة الجديد «السياحة الصحية في مصر».
يقول «المناعي» في كتابه استمرالطب في مصرالقديمة فى التطور كباقى العلوم على مر الزمان حتى اشتهر الأطباء المصريين ببراعتهم فى العالم القديم وفى البلدان المجاورة, وكان يتم الإستعانة بهم فى معالجة معظم الحكام من الدول الأجنبية، كان الطبيب المصرى يتميز بالبراعة والذكاء الذى أهله لرفع مكانته لدى الحكام و الأمراء، وفى تلك الفترة أصبح للطب مكانته بين باقى المهن وكان ينظر إليه كمهنة عظيمة.

ويضيف الدكتور عبدالعاطي المناعي ربما يتسائل البعض عن سبب مهارة الأطباء من المصريين القدماء فى هذا المجال؟
و الإجابة ترجع إلى اهتمامهم بالصحة والحياة وأيضاً كما اهتموا بمجال التحنيط الذى فتح لهم عالما جديدا من الأسرار و كنوز المعرفة الدفينة بالجسم البشرى حيث بدأوا بدراسة ذلك الجسد و التعرف على ما يحتويه من أعضاء و التعرف على وظائف الأعضاء و مع مرور الزمن برع الطبيب المصرى فى علم التشريح ووظائف الأعضاء مما أهله لمعالجة الكثير من الأمراض وإجراء الكثير من العمليات التى سبقت عصرنا الحديث بالآف السنين.
وأكد الدكتور عبدالعاطي المناعي أن القدماء المصريين برعوا أيضاً في صناعة العقاقير والدواء وكان كثير من العقاقير التي استخدمها المصري القديم تعتمد على العناصر النباتية فاستعمل رماد خشب الأبنوس كلاً ونبات العرعر لإدرار البول والخروع لعلاج عسر الهضم وكان يسحق حبوب الخروع والتي تمزج بالزيت لتنمية الشعر، و إذا مزجت بالعسل كانت علاجاً لتخفيف الآم الرأس.
وقد ظهرت لاحقاً في العصور المختلفة بعد ذلك شخصيات طبية أثرت في مجال الطب، ومنهم في العصر الهيلينستي (الأغريقي) هروفيلوس – أبرز علماء الطب في الإسكندرية، العالِم في التشريح، الذي كانت له أبحاث تدور حول المخ والأعصاب والكبد والرئتين والأعضاء التناسلية.
وهناك اراسيستراتوس العالم في وظائف الأعضاء، الذي كان أكثر توفيقاً في أبحاثه حول وظائف القلب والمخ، وقد توصل أراسيستراتوس إلى التفرقة بين أنواع الأعصاب في الجسم البشري.
ومنذ نحو 280 ق.م، أسس فيلينوس مدرسة طب جديدة في الإسكندرية، تدعى المدرسة التجريبية، وقد كان فيلينوس أحد تلاميذ هروفيلوس، وكان يرى أن الطب ليس مختصاً إلا بعلاج الأمراض، دون الوقوف على أسبابها.
وقد تابع أساتذة الطب والجراحة نشاطهم في الإسكندرية، وظلت هذه العاصمة القديمة تحتفظ بشهرتها في هذا المجال، على الأقل حتى أواخر القرن الرابع الميلادي، عندما كتب اميانوس ماركينوس يقول إنه كان يكفي الطبيب للتدليل على مهارته قوله إنه تعلم في الإسكندرية، وينهض دليلاً على مكانة الإسكندرية في عالم الطب كثرة عدد اللذين كانوا يقصدونها من مختلف أنحاء الدنيا لدراسة الطب وتعلم فنونه وأسراره.
ومن القرن الثالث الميلادي، لم تعد الظروف مواتية للأبحاث والملاحظات العلمية، فقد انقضى عهد الكشوفات الطبية، وأصبح هم العلماء مقصوراً على اكتناز المعلومات للموائمة بين ما سبق الوصول إليه وحاجات العصر. ولذلك، أخذ الطب ينحدر رويداً رويداً، وأخذ عامة الناس يلجأون إلى التعاويذ والسحر والتنجيم من أجل الشفاء من المرض، بينما أخذ المثقفون ينشدون شفاء الجسم في سعادة الروح.
وقد وثقوا ذلك في العديد من بردياتهم, وأشهر البرديات الطبية الباقية منذ عصر الفراعنة تعتمد متونها على العلم الى اقصى حد، فهي تضم الوصفات الطبية وطرق تحضيرها ولذلك فهى تعد من أقدم دساتير الأدوية في تاريخ العلم والعالم.
وقد سميت هذه البرديات بأسماء مكتشفيها أو الأماكن التي اكتشفت فيها أو تحفظ بها حالياًومن أشهرها :-

بردية ايبرس

اكتشفت في الأقصر وهي أطول وأجمل، وأهم كتاب ملفوف ومتكامل للطب المصري القديم وهي فريدة من نوعها كما أنها المصدر الرئيسي للمعرفة عن هذا الطب، وسُميت هذه البردية على اسم مستكشفها وناشرها المستكشف وعالم المصريات جورج إبرز المقيم في لايبتسغ (1898-1837). قام جورج إيبرز بشراء مخطوط البردي من طيبة بصعيد مصر في شتاء سنة (1873-1872)

بردية ايبرس

مقاس الكتاب الملفوف 18.63 متر في الطول و0.30 متر في الارتفاع. ويعود عمرها إلى الربع الأخير من القرن السادس عشر قبل الميلاد.
النص مكتوب باللغة الهيراطيقية المصرية القديمة، من اليمين إلى اليسار بحبر أسود. أما اللون الأحمر فاستعمل للعناوين والقياسات

وتتكون البردية من 48 ورقة بردى فردية ملصقة مع بعضها ولقد كانت كاملة عندما اكتشفت، لكنها قسمت في وقت لاحق إلى 29 قطعة لأسباب تتعلق بطريقة حفظها، وتضم وصفات لبعض الامراض.
وهناك كتابة الأعمدة 103 – 110 على الجزء الخلفي من الأعمدة 102 – 94 . في الجزء الخلفي من العمود الأول هناك تقويم شهير الذي يتضمن تاريخ السوتس التي شهدت ارتفاع في السنة التاسعة من عهد أمينوفيس الأول 1525 – 1504 ق.م. وتحتوي على 879 نص فردي، يشرح حوالي 80 مرضا وعلاجاتها.ويعود تاريخها الى عام 1552 ق.م.
ومن العقاقير النباتية التي ذكرتها البردية: زيت الخروع كعلاج للامساك وكدهان للشعر، والثوم والبصل وكزبرة البئر والكرفس والشبت والكمون والينسون والشمر والقرفة وجذور العرقسوس وبصل العنصل والرمان للديدان وضد الاسهال، والزعفران والجميز والتين وغيرها من النباتات، وهذه البردية محفوظة الآن في متحف ليبزج بألمانيا.

بردية هيرست

اكتشفت في دير البلاص وتعود الى عام 1550 ق.م. وتضم وصفات نباتية لنمو الشعر من بذر الخلة وحب العزيز . إلى جانب وصفات أخرى من ماء الشعير والعسل والدهون النباتية والزيوت . وهذه البردية محفوطة في جامعة كاليفورنيا.

بردية ادوين سميث

اكتشفت في الأقصر ويعود تاريخها إلى عام 1700.ق.م.وهى مكتوبة بالحبر الأحمر والأسود , وتحوى وصفات وتعاويذ لتحويل الكهل إلى شاب , كما تقدم وصفاً من الحالات الجراحية والأورام والقروح وكيفية علاجها . والبردية محفوظة بالجمعية التاريخية بنيويورك.

«بردية كاهون»

وتعود إلى الأسرة الثامنة عشر (عام 1900 ق م ) وقد اكتشفت بمنطقة اللاهون الأثرية بالفيوم ,ومنها اشتق اسمها . وتحوي البردية 35 وصفة طبية لأمراض النساء والولادة , وهى محفوظة في متحف المتروبوليتان بنيويورك.
إنها البردية الخاصة بأمراض النساء والتوليد فى مصر القديمة ١٨٨٠ قبل الميلاد، اشتراها عالم المصريات البريطانى فلاندرز بترى ١٨٨٩ بعد الميلاد ببضعة قروش من أحد التجار الذى وجدها فى اللاهون بمحافظة الفيوم.
والبردية مقسمة الي 34 جزء أو فقرة وكل فقرة اوجزء كل فقرة تتكلم عن مرض معين
وتشخيصه وعلاجه فمثلا في الفقرة 22 تتكلم عن طرق منع الحمل لاول مره في التاريخ وكانت الطريقة عباره عن مزيج من روث التماسيح الصغيرة (تحتوي على هرمونات انثوية) تخلط مع 45 مل من العسل ومع اللبن الرايب وتؤخذ قبل الجماع ب ليلة
والفقرة 26 تتكلم عن اختبار لقدرة المرأة على الإنجاب هل ستنجب أم ستكون عاقراً؟ وصفة بسيطة جدا يوضع فص او فصين توم من الحجم الكبير داخل مهبل السيده فاذا ظهرت رائحة الثوم من فمها تكون قادرة علي الانجاب ويعتمد علي صحة «أنابيب فالوب» اذا كانت سليمة وغير مسدوده. اما الفقرة من 32-34 فتتكلم عن الأمراض المصاحبة للحمل مثل ألآم الأسنان مع الحمل وآلام الظهر وأمراض الكلي مع الحمل.

بردية كاهون

بردية كاهون بردية لا تقدر بثمن اشتراها عالم الأثار الانجليزي فلندرز بتري بقروش معدودة من نابشي القبور الذين نهبوا وضيعوا ثرواتنا وعلمنا ليتعلم العالم كله منها كم كان في مصر من علم ومعرفة من ثقافة وريادة في كل العلوم والفنون وليعرف العالم ان مصر كانت هي النور الذي أضاء ظلمة البشرية وخطى بالبشرية كلها من عصر الهمجية إلي عصر الإنسانية.

وفيها وصف للكشف عن نوع الجنين فإذا حملت الزوجة وأرادت أن تعرف هل سيكون الطفل القادم ذكراً أم أنثى، كانت الوسيلة هو القمح والشعير المبلل ببول المرأة الحامل، فإذا نبت القمح كان الطفل القادم ذكراً، أما إذا كان القادم أنثى فالشعير هو الذى ينبت، ذلك لأنهم عرفوا أن بول الحامل به «هرمونات» قادرة على الإنبات، ظلت هذه الطريقة معمولاً بها حتى القرن الثامن عشر! كما قام بتجربة هذه الطريقة بول غليونجى، وأحمد عمار «جامعة عين شمس.

«بردية برلين»

تعود إلى عهد رمسيس الثاني (الأسرة التاسعة عشر ) وتحتوى على 170 وصفة طبية لعلاج كثير من الأمراض التي كانت متفشية في ذلك العهد والبردية محفوظة الآن بمتحف برلين بألمانيا.
تعتبر من أشهر البرديات وتحتوي على وصفات لعلاج العيون والحروق وأمراض النساء وهى محفوظة الآن بمتحف لندن ولقد تمكن العلماء من معرفة النباتات الطبية من النقوش التي عثر عليها على جدران المعابد حيث رسمت بجوار أسمائها أو عثر عليها إلى جانب الموميات.
وأشهر هذه النباتات: السنط والصفصاف والبلح والدوم والتين والجميز والرمان والعنب والزيتون والخس والكراث والثوم والبصل والخبيزة والشعير والكتان واللوتس الأحمر والأزرق والنعناع الأخضر, والترمس والحلبة والحناء وكف مريم وحبة البركة, والداتورة والخلة والقرنفل وحب العزيز والسعد , والعرقسوس والصبار وخيار شنبر والحرجل والبابونج وحصا لبان وغيرها.

ولم يكن نبات المرينمو في مصر بل احضروه من الصومال والجزيرة العربية ليزرعوه بمصر , ولا ننسي رحلات الاستكشاف والتجارة التى ارسلتها الملكة حتشبسوت خاصة بعثتي الصومال والحبشة لتحضر لها الورود والاخشاب والعطور وغيرها، وقد عثر على الفجل في مقابر الأسرة الثانية عشرة, أما عصيره فكانو يستعملونه كنقط للاذن .
وأهتم قدماء المصريين, بصفة خاصة, بشجرة نبات الخروع لإعتقادهم بفائدتها في شفاء الصداع, فكانو يسحقون فروع الشجرة ويمزجون المسحوق بالماء ويضعون كل ذلك على الرأس.
أما المصابون بالإمساك فكانو يمضغون بضع بذور من ثمرة الخروع من أجل طرد الفضلات كما استعملو شجرة الخروع لتنمية شعر النساء وكانو يحصلون على زيت الخروع من عصر البذور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى