مقالات

قلق غربي نفطي!

بقلم: عبد الستار حتيتة

هذا نتيجة للعقوبات الأمريكية على صادرات النفط الروسية. انقطعت الكهرباء، على الهواء، عن برنامج المذيع الإنجليزي مايك جراهام، ضمن تعطل للكهرباء بمناطق في بريطانيا وأكمل برنامجه على مولِّد. وتعاني دول أوربية عدة، منها فرنسا التي امتدت فيها طوابير السيارات بطول غير مسبوق، في انتظار البنزين.

لقد قررت شركات نفط عملاقة في العالم خفض إنتاجها. وهذا أمر مقلق لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. فأمريكا تريد لعقوباتها أن تؤدي لتحجيم تحركات موسكو خارج حدودها. لكن التداعيات على حلفاء أمريكا أصبحت، على يبدو، أكبر من المتوقع.

وتوجد تداعيات أخرى كثيرة على خصوم أمريكا، منها الملف النووي الإيراني، وعلاقة واشنطن المتوترة مع إيران ومع فنزويلا، بالإضافة إلى ما كتبته الصحف الإنجليزية عن برنامج جراهام، وعن طوابير سيارات فرنسا.       

وكانت إدارة بايدن تأمل في زيادة كمية المعروض من النفط من دول معروف أن لديها القدرة على ذلك، لكن تلك الدول لجأت إلى التخفيض، بدلاً من الزيادة، وهو إجراء يعزز من موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويثير مخاوف الدول الغربية، خاصة بحلول موسم الشتاء.

على الصعيد المحلي الأمريكي هناك قلق الرئيس بايدن المتزايد. فحزبه، الديمقراطي، مقبل على انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس. ومن شأن خفض إنتاج النفط أن يؤثر على الأسعار في العالم، على الأقل، يؤدي قرار الخفض إلى زيادة أسعار وقود السيارات في الولايات المتحدة.     

قلق بايدن يبدو قلقاً مشروعاً. فالأمريكيون يعتقدون أن بعض شركائهم الكبار في منطقة الشرق الأوسط، قد أصابوهم بالإحباط. ويتخوفون من أن يلجأ هؤلاء الحلفاء إلى خيارات مغايرة لما كان عليه الحال في العقود الماضية.   

هل يمكن إدخال الروس والصينيين لبسط النفوذ في الشرق الأوسط، بدلاً من الهيمنة الأمريكية المعهودة؟ إن الأمر هنا لا يخص النفط فقط، بل يشمل التعاون الأمني بين بعض بلدان الشرق الأوسط المصدرة للنفط، والولايات المتحدة. فهل ستتغير الأمور؟

وأمام هذه الأزمة، يبدو أن هناك بعض النواب الديمقراطيين، مثل بايدن، أصبحوا يدورون في حلقات مفرغة. ولوح النائبان الديمقراطيان، شون كاستن، وسوزان وايلد، بتقديم طلب لإخراج القوات الأمريكية من بعض دول الشرق الأوسط التي تريد خفض تصدير النفط. 

حتى الآن يبدو أن إدارة بادين ضعيفة. أو غير قادرة على سرعة التصرف أمام هذه المستجدات الشرق أوسطية التي لم تكن تخطر على بال. وأفضل ما يمكن أن يقوم به هو زيادة طرح الاحتياطي النفطي الأمريكي في الأسواق، مع البحث عن شركاء آخرين، مثل دولة فنزويلا النفطية، لكن هذا وحده قد لا يكفي..

توجد بالطبع خيارات أخرى.. منها أن يخفف الغرب من عقوباته على إيران، وهي دولة نفطية مهمة في الشرق الأوسط، إلا أنه يمكن القول إنها متحالفة مع روسيا. وعلى كل حال قد تستغل إيران هذا المتغير، وتحقق تقدم لصالحها في مفاوضاتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي.    

العقوبات التي فرضتها أمريكا على روسيا، مثلما سبق وفرضتها على إيران، تتضمن منع شركائها من شراء النفط الروسي. والمشكلة بالطبع تخص الولايات المتحدة، لكنها طالت الدول الأوربية. والكارثة المنتظرة على كل هذه البلاد، يمكن أن تقع في شهر ديسمبر، حيث ذروة الشتاء.   

حتى لو حاول بادين أن يضخ كميات إضافية من الوقود في السوق الأمريكي، فإن أوروبا سوف تعاني. وسوف يعاني معهم شركاء المعسكر الغربي، بما فيه دول حليفة للولايات المتحدة في آسيا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى