مقالات

الإمام الحسين عليه السلام قتلته الطائفة الظالمة الباغية

بقلم الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومؤرخ إسلامي

تحل اليوم ذكرى استشهاد السبط الإمام الحسين بن على، رضى الله عنهما،فى موقعة كربلاء الشهيرة والتى توافق 12 اكتوبر ميلاديا، يوم العاشر من شهر المحرم.

ميلاد الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه
ولد الإمام الحسين بن علي الله عنهما في المدينة المنورة في السنة الرابعة من الهجرة ، ولقد قضى من عمره 6 سنوات مع جده النبي محمد صلّ الله عليه وسلم في بيت النبوة ، وكان يقول عنه رسولّ الله صلّ الله عليه وسلم : حسين مني وأنا منه أحب الله من أحب حسينًا .

ولقد كان رحمه الله صوامًا قوامًا كريمًا متصدقًا ، وقد حج سيدنا الحسين رضي الله عنه خمس وعشرين مرة ماشيًا على قدميه ، وبعد وفاة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه غسل والده وكفنه ثم قتل الجاني ، وبعد أن بايع المسلمين أخوه الحسن رضي الله عنه على أن يكون خليفة المسلمين سنة 40 هجرية ، أرسل سيدنا الحسن رضي الله عنه إلى معاوية بن أبي سفيان للمبايعة لكنه رفض

الخبر جهز جيشًا كبيرًا لقتال سيدنا الحسن رضي الله عنه وحينها أثر أن يقتتل المسلمون ، وكتب إلى معاوية يشترط شروطًا للصلح ولوئد الفتنة ، وهو أن يتعهد معاوية بأن لا يعهد لأحد للخلافة من بعده ، وأن يكون الأمر شورى للمسلمين من بعده .

وبهذا تنازل سيدنا الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية سنة 41 هجرية ، ولكن سيدنا الحسين رضي الله عنه ظل معترضًا على ذلك ولكنه سكت ردءً للفتنة ، وبعد وفاة سيدنا الحسن رضي الله عنه عام 50 هجرية حافظ سيدنا الحسين رضي الله عنه على عهد أخيه الحسن مع معاوية ، ولكن معاوية لم يحافظ على العهد فقد كان يخطط لتولية ابنه يزيد من بعده خلافًا للعهد .
وبالفعل بويع يزيد بن معاوية للخلافة سنة 60 هجرية ، لكن الحسين بن علي رضي الله عنهما رفض مبايعته هو وعبد الله بن الزبير ، وترك المدينة واتجه إلى مكة المكرمة مع أهله وأصحابه ، ولما وصلت أخبار رفض سيدنا الحسين رضي الله عنه لمبايعة يزيد على الخلافة إلى الكوفة بالعراق ، أراد الكثيرون من أهلها ومن القبائل والعشائر بها أن يكون الإمام الحسين هو خليفة المسلمين ، فكتبوا للحسين رضي الله عنه يبايعونه بالخلافة ويطلبون منه القدوم للكوفة ليبايعوه

فبعث الإمام مسلم بن عقيل يستطلع الأمر بالكوفة فوجدهم يؤيدون مبايعته ، ولما علم بذلك الخليفة الأموي يزيد قام بعزل والي الكوفة وعين عبيدالله بن زياد الذي هدد رؤساء القبائل بسحب دعمهم للحسين رضي الله عنه ، أو ينتظروا الموت على يد جيش جرار سيبيدهم عن بكرة أبيهم ، وقام بن زياد بقتل مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين .

ولم يعرف سيدنا الحسين رضي الله عنه بمقتله عندما قرر الخروج من مكة متوجهًا إلى الكوفة ، حيث خرج ومعه أهله وبعض الفرسان وكان عددهم 40 رجلًا و32 فارسًا ونسائه وأطفاله فقط ، ولما اقترب سيدنا الحسين ومن معه من الكوفة قابل جيش كان على رأسه عمر بن سعد بن أبي وقاص .

وقد علم بتخاذل أهل الكوفة عن نصرته فعرض عليه الإمام الحسين رضي الله عنه ثلاثة حلول : ( الأول أن يرجع إلى مكة ، أو أن يذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين يجاهد فيه ، أو أن يذهب إلى يزيد بن معاوية في دمشق ويطلب منه أحد الحلول ) ، وقد بعث عمر بن سعد بتلك الحلول إلى والي الكوفة الجديد ابن زياد .

ولكن أحد معاونيه ويسمى شمر بن ذي الجوشن رفض ، وأصر على أن يحضروه بنفسه إلى والي الكوفة أو يقتلوه وتم الرد بالرفض على تلك الحلول التي عرضها الإمام الحسين رضي الله عنه ، فرفض الإمام أن يسلم نفسه لهم وبدأ القتال الغير متكافئ مع جيش يزيد عن خمسة ألاف يقابل أطهر من على وجه الأرض في هذا الوقت .

واستمر القتال في مدينة كربلاء وبدأ يتساقط أصحاب الإمام ويستشهدون واحدًا بعد الأخر ، حتى حاصرت جيوش يزيد بن معاوية سيدنا الحسين رضي الله عنه وحرقوا خيامه وقتلوا ولده علي الأكبر وأخواته عبد الله وعثمان وجعفر وأبناء أخيه سيدنا الحسن رضي الله عنه أبو بكر والقاسم ، وبعدها حمل اللواء العباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولكنه وقع شهيدًا أيضًا .

الإمام الحسين رضي الله عنه ، وكان كلما يقترب منه فارسًا من جيش يزيد ويهم بقتله ، كان يرجع خوفًا من أن يقتل ابن بنت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ولكن رجلًا يسمى شمر بن ذي جوشن هو من تقدم وقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ، وقام بفصل رأسه عن جسده وكان هذا يوم الجمعة الموافق 61 هجرية عن عمر يناهز 54 عامًا .

وهكذا استشهد سيد شباب أهل الجنة بعد معركة ضروس مع جيش لم يضاهيه في الكثرة والعدد فرحمة الله على الأسد الجسور وعلى آله أجمعين ويقول الشاعر في رثائه : –

بكى البيت والركن الحطيم وزمزم *** ودمع الليــالي في محـاجرهـــا دمُ
أُصبنا بيوم في الحســين لـو أنـه *** أصاب عروش الدهر أضحت تُهدّمُ
ألابــن زيــاد ســــوَّد الله وجــهّـه * معـاذيرُ في قــتل الحسـين فتُعـلمُ يقــاضــيـه عـنـد الله عـنــا نـبيــُّه* بقــتل أبنـه والله أعـلـــم وأحــكَمُ
على قــاتلــيه لعـــــنة الله كـلـــمـا *** دجى الليل أو ناح الحمام المرنّمُ

إن تحمل يزيد لمسؤولية قتل الإمام الحسين – رضي الله عنه – قائمة، كيف وقد قتل في خلافته وعلى أرض تسيطر عليها جيوشه؟، وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يحمِّل نفسه مسؤولية بغلة عثرت في العراق أو في الشام، لم يسوِّ لها الطريق، فكيف إذا كان القتلة هم جند أمير المؤمنين؟ إن مقتل الحسين – رضي الله عنه – سيظل وصمة عار ونقطة سوداء في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

استمد عبيد الله جبروته وبطشه بالمعارضين من موافقة الخليفة يزيد بن معاوية، فعندما أقدم على قتل مسلم بن عقيل النائب الأول عن الحسين بالكوفة، وداعيته هانيء بن عروة الزعيم لقبيلة مراد المشهورة، استحسن يزيد هذا الفعل، ولم يعترض عليه بل إنه لم يخف إعجابه به وبطشه وعسفه، فقد قال في ردِّه على رسالته: أما بعد، فإنك لم تعد إن كنت كما أحببت، عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظني بك، ورأيي فيك. فهذا التشيع دفع ابن زياد للشر أكثر، خصوصاً وأن نفسه كانت ميالة للشر بطبيعتها، متطلعة إلى الغلو في مسيرتها، متعطشة إلى الدماء في سلطانها، وإلا فماذا كان عليه لو أنه نهر شمر وعنفه وردعه على قوله، واستمر في قبول خطة السلم التي عرضها الحسين – رضي الله عنه -؟.

إن النفوس الدنية التي ارتفعت بعد انحطاط، وعزت بعد ذل، وتمكنت بعد حرمان، يعزُّ عليها أن ترى الشرفاء الأمجاد، يتمتعون باحترام الناس وتقديرهم فتحاول أن تضع من مكانتهم، وتحط من منزلتهم إشباعاً لعقدة النقص التي تطاردهم في حياتهم، ولم يكن ابن زياد إلا واحداً من أصحاب هذه النفوس الدنية، فمن ابن زياد هذا – مهما كانت منزلته – إذا قورن بالحسين بن علي – رضي الله عنهما – لهذا رفض الحسين أن يضع يده في يد ابن زياد، وقال: لا أعطيهم بيدي إعطاء العبد الذليل، وقال عمر بن سعد لما وصله كتاب ابن زياد: لا يستسلم والله الحسين، إن نفساً أبية لبين جنبيه. لقد كان عبيد الله بن زياد والياً ظالماً قبيح السريرة وهو الذي دخل عليه عائذ بن عمرو المزني، وكان من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال لعبيد الله: أي بني: إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إن شر الرِّعاء الحُطمة» فإياك أن تكون منهم، فقال له، اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم، وفي غيرهم.

لقد كان يتوجب على ابن زياد أن يلبي مطالب الحسين، وأن يتركه يذهب إلى يزيد، أو أي مكان آخر، خاصة أنه لن يدخل الكوفة، وقد قال ابن الصلاح في فتاويه: والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هو ابن زياد. وقال يوسف العش: وينبغي لنا أن نقول: إن المسؤول عن قتل الحسين هو أولاً شمر، وثانياً عبيد الله بن زياد. والصحيح أن المسئولية الأولى والإثم الأكبر في هذه المذبحة تقع على عاتق ابن زياد؛ لأنه مدبر هذا الأمر كله، وهو الذي رفض عروض الحسين، والتاريخ يستنكر كل ما فعله، ويذمه أشد الذم، ويدمغه بالبغي والطغيان. ويقول الذهبي في نهاية ترجمة عبيد الله: الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم، ولا نلعنهم وأمرهم إلى الله.

أن أهل الكوفة هم الذين كاتبوا الحسين بن علي وهو في المدينة، ومنَّوه بالخروج حتى خرج إليهم، بالرغم من تحذيرات الصحابة له بعدم الخروج، ولما عين ابن زياد أميراً على الكوفة تأخر الناس عن نصرة الحسين وعن تأييده، بل وانخرطوا في الجيش الذي حاربه وقتله، ولذا عبَّر الحافظ ابن حجر عن موقف أهل الكوفة من الحسين بقول: فخُذِل غالب الناس عنه، فتأخروا رغبة ورهبة، ولما تقابل الحسين ومن معه مع جند الكوفة نادى الحسين زعماء أهل الكوفة قائلاً لهم: يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلى أنه قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وطمت الجمام، وإنما تقدم على جند لك مجند، فأقبل؟!. قالوا: لم نفعل، فقال: سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم، ثم قال: أيها الناس، إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني.

وبالنظر إلى أقوال الصحابة – رضوان الله عليهم – فإن الاتهام موجه إلى أهل العراق أيضاً ، وذلك في المسؤولية المتعلقة بقتل الامام الحسين – رضي الله عنه -، فهذه أم سلمة – رضي الله عنها – لما جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق وقالت: قتلوه قتلهم الله – عز وجل – غرُّوه ودلُّوه لعنهم الله. وابن عمر – رضي الله عنهما – يقول لوفد من أهل العراق حينما سألوه عن دم البعوض في الإحرام، فقال: عجباً لكم يا أهل العراق! تقتلون ابن بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتسألون عن دم البعوض.

ويقول البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق: روافض الكوفة موصوفون بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيها، حتى قيل: أبخل من كوفي، وأغدر من كوفي، والمشهور من غدرهم ثلاثة أمور هي:

أ – بعد مقتل علي – رضي الله عنه -، بايعوا الحسن، وغدروا به في ساباط المدائن، فطعنه سنان الجعفي.

ب – كاتبوا الحسين – رضي الله عنه -، ودعوه إلى الكوفة لينصروه على يزيد، فاغتر بهم، وخرج إليهم، فلما بلغ كربلاء غدروا به ، وصاروا مع عبيد الله يداً واحدة عليه. حتى قتل الحسين وأكثر عشيرته بكربلاء.

جـ – غدرهم بالامام الحسين، نكثوا بيعته، وأسلموه عند اشتداد القتال. إن جزءاً كبيراً من المسئولية يقع على أهل الكوفة، الذين جبنوا ونقضوا عهودهم.
قتل سيدنا الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية، وأكرم الله الحسين بالشهادة، كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته ، أكرم بها حمزة وجعفرا وأباه عليا وغيرهم وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته، فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة، والمنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أشد بلاء؟ فقال: (الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) رواه الترمذي وغيره. رضى الله عن الامام الحسين وجمعنا به في الجنة

_ان سيدي الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه ضرب اعظم مثال في الثبات على منهج النبوة والحق والمبادئ فلم يهرب او يتراجع ويقبل بالمنكر.. وثبات من معه من ال البيت معه في القتال مثال نادر لا يجود به الزمان في التضحية والفداء ولا يخرج الا من العظام ال البيت رضى الله عنهم..

بقلم الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومؤرخ إسلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى