مقالات

اليوم.. بدء احتفالات المصريين بمولد الكريمة عقيله بني السيدة زينب عليها السلام

بقلم الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

قال تعالى ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى﴾

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل أهل بيتى كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق)

إحتفالات موالد أهل البيت فى مصر هى موائد خير ممدودة ونفحات من أيام الدهر ، ويحتفل أهل الله فى مصر بموالد أهل البيت فى مواعيد سنوية ثابتة إلى حد ما .

فهناك موالد ثابتة هجريا كمولد النبى صلى الله عليه وسلم (12 ربيع الأول).

وهناك موالد مرتبطة بتاريخ هجرى معين وليس تاريخ الميلاد نفسه كمولد السيدة زينب رضى الله عنها، فالسيدة زينب رضى الله عنها ولدت فى شهر شعبان فى السنة الخامسة الهجرية ودخلت مصر فى أواخر شهر رجب سنة 61 هجرية وتوفيت فى منتصف شهر رجب سنة 62 هجرية ويتم الاحتفال بمولدها اليوم الثلاثاء من شهر رجب الموافق 7 فبراير، ذلك لأن هذا الحين يوائم دخولها مصر بل وانتقالها فيه أيضا إلى الرفيق الأعلى .

مولد السيدة زينب هو تراث ديني وشعبي علي مر العصور والاجيال فهو يعد في جوهرة احتفالاً بتمكين المرآه في الاسلام . ويتم الاحتفال بمولدها يوم الثلاثاء من شهر رجب و يحتفل السادة الأشراف ومحبى آل البيت ، وأتباع الطرق الصوفية، من جميع الانحاء بمولد السيدة زينب رضي الله عنها ، حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بمسجدها فى منطقة مصر القديمة.. وهي عادة سنوية يقوم بها المصرين كل عام . وصلت السيدة زينب بنت علي إلي مصر في شعبان عام 61 هجرية ، و خرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب 62 هجرية ، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها. وعرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم و التقوي، و الشجاعة و الإقدام السيدة زينب هي من أوائل نساء أهل البيت اللاتى شرفت أرض مصر بالمجيء إليها ويحرص المصريون على إحياء مولدها فى من كل عام، فى أجواء تسودها المحبة، وتعم فيها الأفراح،

فيما يحرص عدد من اتباع الطرق الصوفية على إقامة احتفالات صغيرة فى أنحاء متفرقة فى محيط المسجد الزينبى .

وعرف عن السيدة زينب رضى الله عنها أنها أكثر نساء آل البيت صبرا وقوة، فهى ابنة الإمام على بن أبى طالب، وأمها السيدة فاطمة الزهراء وجدها رسول الله وجدتها خديجة بنت خويلد، وأخويها الحسن والحسين، كما أنها هى بطلة كربلاء، التى حمت السبايا الهاشميات ورعت الغلام المريض على زين العابدين بن الحسين، ولذا كنيت بـ”أم هاشم”.

توفى الرسول صلى الله عليه وسلم وعمرها خمس سنوات، فما مكثت فاطمة بعده حتى لحقت به، تزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار ، الذى كان عالى المكانة وعرف بالمروءة والكرم والسماحة ولقبوه بـ”قطب السخاء”، وكان لا يراها أحد فى بيتها إلا من وراء ستار، أما فى محنة كربلاء بعد خروجها من بيتها ورؤية وجهها فقد وصفوها قائلين “ما رأيت مثل وجهها كأنه شقة قمر، وقال الجاحظ فى البيان والتبيين: كانت تشبه أمها لطفا ورقة وتشبه أباها علما وتقى وكان لها مجلس علم للنساء”.

أختار الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، لفتاته حين بلغت مبلغ الزواج، من رآه جديرا بها حسبًا ونسبا، لقد تهافت عليها الطلاب من شباب هاشم وقريش ، ذوى الشرف والثراء ، فكان “عبد الله بن جعفر” أحق هؤلاء جميعا بزهرة آل البيت وعقيلة بنى هاشم ، وأثمر الزواج المبارك ، فولدت أربعة بنين: عليا ومحمدًا وعونا الأكبر وعباسا ، كما ولدت له فتاتين، إحداهما أم كلثوم التى أراد معاوية بدهائه السياسى أن يزوجها من ابنه يزيد كسبًا للمعسكر الهاشمى، فترك عبد الله أمر فتاته لخالها الإمام الحسين الذى آثر بها أن عمها القاسم من محمد بن جعفر بن أبى طالب

عاصرت السيدة زينب حوادث كبيرة عصفت بالخلافة الراشدة بمقتل أبيها سيدنا الإمام علي الكرار وليد الكعبة عليه السلام عام 40هـ وشهدت استشهاد أخيها سيدنا الحسين وابنها سيدنا عون في موقعة كربلاء ومعه 73 من عترة آل البيت والصحابة وأبناء الصحابة.

بعد أحداث كربلاء سألها يزيد بن معاوية لعنه الله أن تختار مكان لإقامتها فاختارت المدينة المنورةوفي المدينة أخذت تحدث الناس كاشفة حقيقة ما حدث في كربلاء فهيجت المشاعر على بنى أمية، استنجد والى المدينة بيزيد بن معاوية خوفاً من غضب الناس.

رأى يزيد لعنه الله أن تغادر السيدة زينب المدينة المنورة إلى حيث تشاء من أرض الله ما عدا مكة المكرمة ، فاختارت مصر داراً لاقامتها لما سمعته عن أهلها من حب لأهل البيت وكان قد مضى على استشهاد “سيدنا الحسين” 6أشهر
قال لها سيدنا عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، مخاطباً السيدة زينب رضوان الله عليها
“يا ابنة بنت رسول الله، اذهبي إلى مصر؛ فإن فيها قومًا يحبونكم لله ، ولقرابتكم من رسول الله ﷺ
“وإن لم تجدي أرضاً تسكنيها هناك ، فستجدين قلوب أهلها وطنا “.

أصطحبت معها السيدة فاطمة النبوية والسيدة سكينة بنات “سيدنا الحسين” وبعض آل البيت .

وصلت السيدة زينب إلى مصر و فى شعبان 61هـ خرج المصريون لاستقبالها فى بلبيس وعلى رأسهم والى مصر الأموى “مسلمة بن مخلد الأنصارى”.

أقامها الوالى في بيته بالحمراء القصوى عند بساتين الزهرى حى السيدة الآن عند قنطرة السباع وهو المكان الذى فيه ضريحها الآن فى شعبان الموافق 26 أبريل 681 م.
أقامت فى مصر 11 شهر إلى أن لاقت ربها عشية الأحد ١٤ رجب 62هـ.. الموافق 27 مارس 682 م، ودفنت رضى الله عنها فى حجرتها المباركة الذي تحول إلى مقام لها إلى الآن.
ويحتفل المصريون بمولدها فى شهر رجب من كل عام.
ومقام السيدة زينب أول ضريح لأهل البيت فى مصر.
رضى الله عنها ، وعن ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعين .

قدمت إذن السيدة زينب برغبة منها إلى مصر، بعد أن أعطاها يزيد بن معاوية لعنه الله فرصة إختيار منفاها، واستقبلها والي مصر وأهل مصر استقبالا رائعا غامرا، لم يسبق له مثيل، حيث فرحوا كثيرا بقدومها، وذلك حبا في جدها المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وتبركا بنسبها الشريف، فهي حفيدة محمد- عليه الصلاة والسلام-، وابنة سيدنا علي- رضي الله عنه- وسيدتنا فاطمة- رضي الله عنها- وأخت الحسن والحسين محبوبي نبي الله- عليه أزكى الصلاة والتسليم .

بعد الترحيب الكبير الذي لقيته الكريمة المشيرة رئيسة الديوان السيدة زينب ومن معها ، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر فقالت: “أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا”.

حين استقرت سيدتنا زينب في أرض مصر وهبها والي مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر، أقامت هذه السيدة الشريفة في هذه الغرفة وجعلتها مكانا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب. وأوصت السيدة زينب قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد، فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب- رضي الله عنها .

واليوم ، يعتبر مسجد السيدة زينب من أهم المساجد في مصر، وكل من يزور القاهرة يتشوق إلى زيارته، فهو من أهم المزارات الإسلامية في مصر إلى جانب مسجد سيدنا الحسين بن علي- رضي الله عنهما- والمسجد الأزهر الشريف.

وتنتشر في شوارع مصر حلقات الذكر التي يقيمها المصريون مرددين القصائد والمدائح على أنغام “الدف”، حيث يُعددون فيها خصال النبي محمد، عليه السلام، طالبين شفاعته، ومعبرين عن حَرّ شوقهم لرؤيته، كما يُعدّ المسلمون أكلات خاصة بهذه الذكرى، وتكون في الغالب أصنافاً مختلفة من الحلويات؛ كالسمسمية والفولية والحمصية.

ويستمر الاحتفال بمولد السيدة زينب قرابة الأسبوع أيضاً ،على تكون الليلة الختامية لمولد ستنا المشيرة رئيسة الديوان السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها يوم الثلاثاء الموافق 14فبراير ، وسط حضورٍ مهيب حيث تم تجهيز ميدان السيدة وما حوله بالزينة، ونصب الخيام التي يبقى ابنائها فيها الزائرون والمريدون على مدار أيام الاحتفال ، كما تقام فيها حلقات للذكر والتغني بحب السيدة زينب والتعبير عن عشق الشعب المصري لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام .

قلم وصوت آل البيت
الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومؤرخ إسلامي
كاتب ومحلل سياسي مصري
باحث في شؤون حركات الإسلام السياسي

إبن آل البيت
الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
الإدريسي الحسني العلوي الهاشمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى