تقارير و تحقيقات

فادية أبو شهبة: “العنف الأسري لسه ياما هيزيد”.. وعلينا أن نلغي مفهوم “حق الزوج في تأديب زوجته”

أجرت الحوار: مروة محي الدين

“يا إلهي كان شهرا كبيسا”، سمعنا كثيرا هذه الكلمة تصف شهر من شهور السنة بسبب موجة حارة أو باردة أو أخبار سيئة أو أزمة أسعار، لكن الأمر اختلف في وصف شهر يوليو 2021، بعد أحداثه المليئة بالعنف داخل الأسرة، الأمر الذي امتد أثره حتى الوقت الحالي بحادث داخل جدران البيت الواحد تفجع المجتمع كل يوم.

ولما كثر اللغط والهزل حول هذا الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت “الدنيا لبش” كما جري الوصف، كان لابد أن نبحث عمن يمكنه تقديم وصف علمي وحلول مدروسة لهذه الظاهرة.

لذا توجهنا لجهة الاختصاص الأولى (المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية)، وكان اللقاء مع الدكتورة “فادية أبو شهبة” – أستاذ القانون الجنائي بالمركز – التي عكفت على دراسة ذلك النوع من الظواهر منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، دخلت إلى مكتبها الهادي وبدأنا الدردشة حول موضوع العنف الأسري:

  • أبو شهبة: أرأيتِ ما حدث لنا؟… 
  • نعم رأيت.. وأكثر ما يوجع هو وصولها للقتل؟ 

فإذا بها تباغتني بيقين الباحثة الواثقة: “ولسه ياما هتزيد!!”

  • حضرتك متوقعة الزيادة ومتأكدة من ذلك؟
  • بالطبع؛ أنا أول من توقع زيادة العنف الأسري وزيادة هذه الحالات وحذرت من ذلك، مؤكدة أننا إن لم ننتبه لهذه الظاهرة فستتفاقم بشكل لن يمكننا السيطرة عليه، وهاهي وتيرة العنف أخذه في التزايد. لذا أحييكِ على اختيار موضوعك هذا، لأن ظاهرة العنف داخل الأسرة وبين الزوجين أضحت أمرًا مقلقًا- فتعريف الظاهرة هي الاستمرارية والتكرار وليس العدد.

سلامة البيت في قوة أساسه وليس غُلوُّ أثاثه:

  • ما الذي وصل بالأسرة المصرية لهذا المستوى من العنف؟
  • (أبو شهبة): ما حدث الان منبعه البداية: فكان طغيان المادة لتحل محل الأسس القيمية والدينية في بناء الأسرة؛ فمثلًا حينما يتقدم عريس لأسرة: هل تختار وتسأل عن أخلاقياته، وعما إن كان يتعاطى مخدرات، وهل يتمتع بسمعة طيبة؟، هل هو متدين – أي يراعي الله في تعاملاته؟، وماذا عن سلوكياته بين أسرته – هل يحترم أمه وأبيه، وماذا عن سلوكه في العمل؟،… فهل يُسأل عن ذلك؟!..، لا،لا يحدث الأن إنما يُسأل: كم سيدفع للفتاة؟ وبكم سيكون ثمن الشبكة؟ وهل سيوفر لها سكن إيجار أم تمليك؟ كيف سيكون حجم حفل الزفاف؟ وجميعها تفاصيل مادية أبعدتنا عن الأسئلة الجوهرية؛ كذلك يجب أن نسأل: هل هذا الشخص كان أو مازال مريضًا نفسيا؟ – فقد ثبت أن ذلك من أهم أسباب للعنف، كما يدخل فيها الكثير من الغش في الزواج، فيكون مريض نفسيا ويدخل في علاقة زوجية، لذا كان من أهم توصيات بحوثنا أن يقدم هذا الزوج قبل عقد القران شهادة موثوق منها من جهة حكومية بحالته الصحية والإنجابية، وحالت النفسية من حيث إصابته بالأمراض النفسية والعصبية من عدمها، والأمراض وراثية في عائلته؟؛ فجميعها من أسباب الخلافات المؤدية للعنف فيما بعد.
  • ولكن يا دكتورة معظم عقود الزواج حاليا يشترط فيها تقديم كشف طبي لكلا الزوجين إلا أنه غالبا ما يكون ملفقًا!!
  • هذا ما لا أريده، إنما أريد تقارير طبية من جهة حكومية موثقة تجري بالفعل تلك الفحوص، وليس شهادات مزورة تعطى لطالبها بعد دفع رشوة، كذلك التقارير الحالية ليس من ضمنها الكشف عن الحالة النفسية والعصبية لكلا الزوجين… وقد كنت أول من دعى لهذا الكشف لراغبي الزواج في العديد من اللقاءات التليفزيونية؟، لأن هناك الكثير من الشباب والفتيات يعانون منها ومن هنا يحدث الغش في الزواج، فتكون الفتاة تعاني آفة عقلية ويتم تزويجها سريعًا لزوج لأنها تتسم بجمال الشكل، ليفاجأ الزوج بعد ذلك داخل المنزل بكثير من المشكلات بسبب هذا الأمر. كذلك الحالة الإنجابية –  التي يحدث بسببها مشكلات كثيرة وتكون من أسباب العنف الرئيسية، لأنها موطن لحدوث الغش أيضًا.
  • ألن تصطدم تلك الفكرة بالموروثات التي تقول أن الطبيب النفسي وصمة بالجنون؟
  •  لا أنا أطالب أن يكون ذلك من شروط عقد القران الأساسية، فتقوم لجنة طبية متخصصة تابعة لجهة رسمية بالكشف على المتقدمين للزواج، حتى لا تفسد الرشوة والتزوير وغيرها الغرض من هذا الكشف فيقال لائق مثلا على شخص غير لائق. 
  • إذا حضرتك ترين في سلامة أسس الزواج ضمانة لإيقاف وتيرة العنف بين الزوجين؟
  • بالضبط من البداية بعد التأكد من سلامة الطرفين أصبح لدينا زوج سليم وزوجة سليمة، فهل ينتهى الأمر عند هذا الحد؟!، لا لأن الخطوة الثانية هي السؤال عن “المستوى الثقافي”: هل يتساويان في المستوى التعليمي أو يتقاربان أم أنها هي جامعية وهو متعلم تعليم مهني، وهذا ما أوصانا به الرسول – صل الله عليه وسلم – أن يكون هناك تكافؤ بينهما في المستويات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية – كذلك مستوى أسرة كل منهما فلا يكون أحدهما من طبقة مرتفعة جدا والآخر من مستوى بسيط جدا ويرتبطان بدعوى الحب، والظروف الاقتصادية متقاربة فلا يكون أحد الطرفين شديد الثراء والآخر شديد الفقر ومن العبث في هذا الركون للمثل الشعبي “المليان يكب على الفاضي”، كذلك رضا الأهل هنا ضرورة لأن الزواج دمج أسرتين معًا، فالأهل يصبحوا الأجداد والأعمام والأخوال، وفي الواقع نصطدم بمشكلات كثيرة أمام القضاء بسبب تلك الأمور.
  • هل ينتهي الأمر عند ذلك الحد أم هناك أمور أخرى توصي بها؟

بالطبع هناك أمر أخر أوصي به الأزواج بعد إتمام زواجهم هو  التنشئة الاجتماعية: ما المطلوب من الآباء؟؟ أنا أوجه ندائي لكل أسرة أن ينشئوا الأبناء تنشئة صالحة ويكون كلا من الأب والأم قدوة  لهم “فالعنف يولد عنفًا”، ومشاهدة الأبناء للعنف المتبادل بين الأب والأم يجعل الطفل حينما يكبر ويصبح رجل يمارس العنف ضد زوجته؛ كذلك أنشيء أبنائي على احترام حقوق الأخر واحترام الذكر للأنثى واحترام الأنثى للذكر، ونعرف بحقوق وواجبات الزوجين كل منهما على الآخر، وقد دعوت لعقد دورات تدريبية للمقبلين على الزواج لتأهيلهم وتوعيتهم بأمور غير مدركة بالنسبة لهم أو ينظرون إليها بشكل سطحي أن (الزواج هو حفل الزفاف والضجة حوله ثم السفر والتنزه)، ثم يصطدموا بعد ذلك داخل الأسرة بكثير من المشاكل التي لا يمكنهم التكيف معها.

الدخلاء دائمًا وراء تأجيج المشكلات:

  • ماذا عن العوامل الخارجية المؤثرة على وجود العنف الأسري وتزايده؟
  •  أول هذه العوامل هو الإعلام، فعند ترك الطفل ليشاهد الأفلام الكارتونية المليئة بالعنف تجد الطفل يمارس العنف على أخيه الصغير، ثم يمارسه مع زملاءه بالمدرسة، وبالمثل إذا رأي العنف ممارسة بين الأب والأم يصبح بالنسبة له العنف أمر طبيعي وهو ما يسميه علماء الاجتماع “الثقافة الفرعية للعنف“: وهي مشاهدة العنف العادي اليومي فيصبح العنف الشيء الطبيعي، وعلى النقيض من ذلك يأتي التحلي بالثقافة الإيجابية بأننا إذا رأينا العنف نبلغ الشرطة، أي أن يكون من حق الجار أو الغير أن يبلغ عن ممارسة العنف: سواء الطفل إن كان يمارس في حقه عنف مفرط من الأب أو الأم وهو ما ينص عليه قانون الطفل، أو المسن وهو موضوع أحدث ابحاثي حول “الحماية الجنائية لكبار السن من إساءة المعاملة”، وكانت أهم توصياته: إذا رأى شخص ابن يضرب أمه أو أبيه وهو جار مثلًا يصبح من حقه أن يبلغ الشرطة مثلما من حقه أن يبلغ عن أي حادث عنف آخر، لأن نتيجة عدم إبلاغ الشرطة أننا نشاهد أباء وأمهات يطردون من بيوتهم وهكذا.
  • ألا ترين أن تفعيل ذلك سيكون العنف ضد الشخص المُبَلِغ تحت دعوى “أنت إيه اللي دخلك”؟
  • إذا تم تقنين ذلك بقانون يصبح “يجب عليك أيها الإنسان العادي إذا رأيت صورة من صور العنف أن تبلغ عنها”، فقد يكون “المجني عليه غير قادر على إبلاغ الشرطة، لأنه غير فاهم لذلك أو لجهله أو لكبر سنه فلا يستطيع الذهاب للجهات المسئولة لإبلاغها، وعليه يكون ذلك خدمة للمجتمع لمواجهة أو القضاء على مشكلة العنف في المجتمع. هنا لا نقول له “ما صفتك؟” فصفته وقتها أنه عضو في المجتمع يريد الصلاح لمجتمعه.
  • هل تقصدي إقران التقنين القانوني بالتوعية المجتمعية؟
  • بالطبع.. يجب على كل شخص أنه يكون إيجابي ونلغي من قاموسنا كلمة “وأنا مالي يا عم أحسن يأخدوني معاهم في المشكلة”، فمثلًا في جرائم الاغتصاب حدث كثيرًا أن شاهد شخص مشهد خطف بنت وتركها، خوفا من أن يصاب بشيء من أسلحة الخاطفين مثل “مطواة” هذا منتهى السلبية، فمثلًا قديًما في جرائم التحرش: إذا شوهِدَ شخص يتحرش بامرأة كان أهالي المنطقة يمسكوا به ويضربوه ويحلقون له شعره .. فكانت مواجهة حقة للموقف يقوم بها رجال بمعنى الكلمة ولا ينتظروا الشرطة.
  • كما قلت حضرتك (قديمًا) اليوم في حادثة قتل تمادى الزوج في ضرب زوجته فهرع جيرانها لإنقاذها فتصدت لهم والدته قائلة “واحد يؤدب مراته وليس لكم دخل”؟
  • وضعت يدك على أحد الأسباب الهامة للعنف وهي “المفاهيم الاجتماعية الخاطئة” مثل مفهوم “حق الزوج في تأديب زوجته”، نحتاج لإلغاء هذا المفهوم فنقضي على كلمة “من حقه يؤدبها”، فهذا الحق ليس مباح على إطلاقه إنما له حدود، فلا يحدث بها عاهة ليؤدبها. حق التأديب له ضوابط شرعية وقانونية نصت عليها الشريعة الإسلامية والقوانين، فإذا خرج حق التأديب عن الحدود يعاقب الجاني، فمثلا في قانون العقوبات: “إذا ترتب على ضرب الزوج لزوجته الجرح وترك معها كدمات وأثار فهي جنحة عقوبتها الحبس من 24 ساعة إلى ثلاث سنوات حسب التعطيل عن العمل مدة 21 يوم”، وفي الشريعة الإسلامية الضرب بالسواك للطفل الصغير كما يشترط في تأديب الكبير عدم الضرب على البطن والوجه، كذلك هناك وسائل تأديب أخرى كالهجر في الفراش.

كذلك أحد المفاهيم الخاطئة المنتشرة هي “الاغتصاب الزوجي” الذي يمارس فيه العنف فتضرب الزوجة لعدم رغبتها في معاشرة الزوج لأي سبب، فالدين يقول “قدموا لأنفسكم” أي بأساليب جيدة وليس بالعنف المفرط لأن ذلك يسمى الاغتصاب الزوجي، فهذه علاقة حميمة تتم بالتراضي، كل ذلك لا يثار ولا يطرح للنقاش لأنه من المسائل الشائكة التي لا يجوز الحديث فيها، لكن أثرها يظهر في الحياة اليومية بعد ذلك فتجد كلا الزوجين ناقم على حياته، وهي تجنح نحو الطلاق، وهو يضرب الأولاد ويرفض دفع مصروفات البيت الأساسية بهدف تكريه الزوجة في حياتها……وووإلخ، دون أن يعرف أحد السبب الحقيقي وهو “عدم التوافق الجنسي بين الزوجين”.

  • إذا غياب المواجهة الإيجابية للعنف والمفاهيم الخاطئة … هل يوجد دخلاء آخرون؟
  • يوجد الأمر الأكثر انتشارا هذه الأيام في المجتمع المصري “تعاطي وإدمان المخدرات”، وقد قام المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالعديد من الدراسات على جميع الفئات العمرية في الشعب المصري لمعرفة معدلات تعاطي المخدرات، فوجدناها نسبة هائلة تتوزع على: أطفال مدارس وطلبة جامعات ونساء …..إلخ، حتى أنني أجريت بحوث عن سرقة السيارات فُوجِئت أن رئيسة أحد عصابات سرقة السيارات فتاة من عائلة محترمة والدها دكتور ووالدتها دكتورة وخريجة مدارس أجنبية ومن سكان حي المهندسين وعضوة في نادي الصيد، ليتضح أن تعاطي المخدرات هو السبب الرئيسي الذي دفعها وزوجها لدخول عالم السرقة لتوفير سيولة مادية تغطي تكاليف تعاطيهم للمخدرات رغم أنهم ليسوا من أصحاب السوابق، وكان هذا مثال حي على أن الزوج المنحرف يأخذ زوجته معه إلى نفس الطريق فإذا ما رفضت فإنه يلجأ للضرب أو يلفق لها مصيبة أو أي شيء آخر. 

بين العنف وإجراءات التقاضي:

  • أحد حوادث القتل الأخيرة قتل الزوج زوجته لأنها انفصلت عنه بحكم محكمة وهو يريد إجبارها على العودة إليه، فما رأيك في هذا النوع من العنف؟
  • لقد أثرت أمر آخر مهم وهو عدم فعالية القوانين وتحديدًا قوانين الأحوال الشخصية الذي يأتي من أهم أسباب تزايد المشكلة، فبسببه وجدنا حالات امرأة كان لها حكم ولا تستطيع تنفيذه فأرسلت بلطجية لزوجها ليضربوه، وأخرى نفذت هي جريمة بنفسها…. أو على الجانب الآخر رجل يفكر في أنه إذا طلقها ستطالب بحقوقها فيضربها حتى تموت أثناء الضرب أو يحدث بها عاهة مستديمة… إلخ.
  • ولكن محكمة الأسرة حلت جانب كبير من مسألة الحقوق الزوجية فلماذا تزامن ذلك مع تزايد العنف؟
  • وما فائدة الحكم وهي لا تستطيع تنفيذه أو تأخذه بعد عذاب في المحكمة لسنوات، مثلًا امرأة احتاجت (10 سنوات) لأخذ حكم بحقها وعندما ذهبت لتنفيذه وقفت أمامها معوقات تنفيذ لا حصر لها فلم تستطع تنفيذه، وقد قابلت حالة زوجها خطف منها ابنها بعد ولادته ولم تره رغم حصولها على حكم حضانة، واستمر 5 سنوات لا تعرف عن ابنها شيء، حتى أرسل لها زوجها صورته فقط بعد 5 سنوات معها حكم ولا تستطيع تنفيذه بسبب معوقات التنفيذ كالرشوة…

إذا نقول 1)البطء في التقاضي، 2) عدم تنفيذ الأحكام ، وفي أحكام مثل الطلاق تحصل الزوجة على الحكم لكنه غير نهائي إذ يحق له الاستئناف فلو لم تكن تعلم وتزوجت بموجب الحكم أصبحت مجرمة تجمع بين زوجين ويتم القبض عليها وقد تكون أنجبت من الثاني وعددي على ذلك مشاكل لا حصر لها.

  • بم توصي المشرع المصري لعلاج بطء الإجراءات وعدم فعالية القوانين؟
  • أوصيه بتسريع الإحراءات وأخد الحقوق لأصحابها، نحن بحاجة لتعديل القانون من جديد لإلغاء الشروط التي تسبب مثل هذه المشكلات. 
  • ألا يمكن أن تقف صعوبة تعديل القوانين في وجه توصيتك تلك؟
  • لا، ليس هناك صعوبات لأننا فعليًا لدينا قانون الإجراءات الجنائية، وكل ما أطلبه تعديل بسيط يختصر الإجراءات من عشرة مثلا إلى خمسة أو ثلاثة لتقليص الوقت، وقد أوصيت بحبس الزوج إذا امتنع عن دفع النفقة وهو قادر وذلك للتضييق الزوجة وأولادها، فيتم تفعيل مبدأ الدفع أو الحبس والدفع لا يلغي الحبس لحظة التنفيذ، بل يجب أن يتم التنفيذ حتى مع الدفع ليكون ردع لغيرة الذين يتلاعبون بحقوق زوجاتهم. فعدم ثقة الزوجات في المحاكم وإجراءات التقاضي من أهم أسباب العنف المؤدي للقتل، فكثيرًا كنت أسأل الجانية “لمَ لم تطلبي الطلاق بدلًا القتل؟”، فكانت تجيب وتقول: “طلاق إيه ومحاكم إيه!!!”، لذا يجب أن نعمل على إعادة الثقة في التقاضي بأن نقصر مدة إجراءاته.
  • وهل يكون ذلك الحبس ردع خاصة مع إمكانية التحايل على القانون لتقصير مدته؟
  • أيا كان مدة الحبس حتى وإن كان سنة أو 24 ساعة فهو يمثل ردع، وقد كان أحد ابحاثي يتحدث عن “أثار الحبس ولو ليوم واحد” على الشخص وأسرته، لأنه في النهاية وصمة عار.

أيهما أكثر ردعًا للعنف العقوبة أم الوصمة؟

  • هذا ينقلنا للسؤال عن كيفية الخروج للمجتمع بعد قضاء العقوبة؟
  • بعد تأدية العقوبة يكون المجرم قد أدى حق الدولة، لكن خروجه للحياة والتكيف مع المجتمع تحدث فيه مشكلات كثيرة، فالمجتمع يرفضه في العمل إن وجده، وفي الزواج أيضًا لا توجد فتاة تقبل الزواج برجل تم حبسه في قضية ضرب مبرح لزوجته أو قتل.
  • حتى وإن كان القاتل مظلومًا وارتكب جريمته في ظروف دفاع؟
  • قابلت امرأة من الإسكندرية كانت في سجن القناطر، وكانوا يطلقون عليها “نادية أنبوبة” لأنها قتلت زوجها بأنبوبة بوتاجاز قتل عمد قبل الإفراج عنها بثلاثة شهور، وكانت تعاني الرعب والانهيار من اليوم الذي ستخرج فيه من السجن، لأنها كانت أصلا من قنا “صعيدية” وزوجها كان ابن عمها، ولأنه ابن عمها قاطعها أهلها وأخذوا منها أولادها، وأقسموا جميعًا (أهلها وأهله) أنهم سينتظرونها على باب السجن ليخطفوها أثناء خروجها ويذبحونها، رغم أنها قتلته بسبب العنف الزوجي المفرط وتعاطيه للمخدرات، ولكن لم يضع أحد ذلك في اعتباره، بل لم يضع أحد في اعتباره أنها ذهبت إلى بيت أهلها قبل قتله مطالبة بالطلاق فأعادوها إليه تحت دعوى “معندناش ستات تطلق”، لذا راعت المحكمة الظروف الدافعة لارتكاب الجريمة ولم تشدد العقوبة عليها، لكن أهلها لم يراعوا ما راعته المحكمة، فالعنف الزوجي حول المرأة الضحية لقاتلة ينظر إليها المجتمع باعتبارها سفاحة قتلت زوجها، فهي جانية – مجني عليها.
  • ألا يمكن للمجتمع أن يراعي الظروف التي وصلت (بالجانية – المجني عليها) لأن تقتل؟
  • لا، لا تفكري في المجتمع لأنه قاسي جدا، فالوصمة المجتمعية أكثر قسوة من الوصمة الجنائية، فالجنائية تنتهي بتنفيذ العقوبة، أما الوصمة المجتمعية تبقى مع المتهم بعد انقضاء العقوبة وتورث له ولأبناءه وأحفاده… وهكذا لأن المجتمع لا يغفر (الله يغفر والمجتمع لا يغفر).
  • ألم تقابلي في أي بحث اجتماعي حالات كان الخوف من الرفض المجتمعي مانعنا لحدوث الجريمة؟
  • لا إطلاقًا فالأولى بها أن تفكر في العقاب الجنائي الذي يمكن أن تلقاه قبل الوصمة، أضيفي إلى ذلك أن الفئة الغير مثقفة كبيرة جدا ولا يفكرون بمثل هذا الوعي، كما أن الوصمة يتم الشعور بها بعد ارتكاب الجريمة ولا تدخل في حسابات المجرم قبل ارتكاب الجريمة.

نريد حلا!!

  • كيف يمكن تحجيم ظاهرة العنف في المجتمع المصري؟
  • بعدة إجراءات: 1) القضاء على البطالة، 2)القضاء على تعاطي المخدرات، 3) اشتراط الكشف الطبي في جهة رسمية على كلا الزوجين في كل شيء نفسيا وبيولوجيا والكشف على قدراتهم الإنجابية، 4) عقد دورات تدريبية لتأهيل المقبلين على الزواج، 5) الرقابة المشددة على الإعلام، والتجكم فيما يتم بثه في التليفزيون والسينما والصحافه وغيرها، فيمنع بث المواد التي تمجد العنف والبلطجة وتحفزه وتجعل منه سلوك طبيعي مثلما يحدث في أعمال أحد الممثلين الشباب (م.ر)،  6) إنشاء الأسرة على القيم الخلقية والدينية وليس على أسس مادية، كما يراعي في الزواج التكافؤ بين الزوجين في المستوى الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي… كل هذه توصيات إذا علمنا بها انتهى العنف.

كان يمكن أن نقف عند انتهاء حديث”أبو شهبة”، لولا أنها ختمت حديثها بتصنيف لمستويات الجريمة داخل الأسرة فقالت: ” أكثر جرائم الزوجة ضد الزوج هي (الزنا)،سواء عن طريق الإنترنت أو بمقابلة شخص بالخارج أو زنا فعلي، وغالبًا يكون ذلك بسببه إما بهجره أو سفره أو إنه عرفها على صديق له، ثم الجريمة الثانية عند السيدات هي (القتل)، لكن أكثر جرائم الزوج على زوجته (الضرب) بداية من ضرب الجرح، ثم ضرب العاهة، ثم القتل على الترتيب.”، لذا قررنا قرع باقي الأبواب المغلقة في ظاهرة العنف الأسري، في حلقات مسلسلة تجدونها يوميا على موقع (اليوم)…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى