مقالات

محمد كامل العيادي يكتب: فعلوا الرقابة قبل أن يموت الشعب من المرض

ما هي ردة الفعل لمواطن مسكين عندما يقف في طابور فرن العيش لفترة طويلة لاستلام حصته من الخبز، وعندما يصل إلى استلام الخبز تنفرج سريرته وتبتهج نفسه فرحاً ، لأنه سيعود إلى أسرته بعد عناء ومعاملة غير آدمية بالخبز، ليتفاجأ حين تناوله أن الخبز ممتلئ بالتراب؟ وهم ينظرون إلى بعضهم البعض يندبون حظهم، ولسان حالهم يردد المثل الشعبي ” جاءت الحزينة تفرح ما لقيت لها مطرح” فهل يتغاضون عن التراب الذي ” يقرش ” تحت أضراسهم، أم عن سوء النظافة في المخابز؟ أم عن حجم الرغيف الذي لا يُشبع رضيعاً إذا تم تناوله؟ وهنا نتساءل كيف تجرأ المطحن المسئول بتوريد المخابز بالدقيق المخلوط بكناسة المطحن؟ لقد تجرأ لغياب الرقابة عنه، فعاث في الأرض الفساد.
ومما لا شك فيه، أن ما يحدث للناس لا يرضي الدولة، ولا يرضي وزير التموين، فالمخابز تعمل دون رقيب عليها، لذلك تفعل ما يحلو لها، فلا معيار للنظافة، ولا الجودة، ولا اتباع المعايير الصحية، فتجد العامل للأسف الشديد لا يهتم بنظافته الشخصية، حيث الأظافر الطويلة، والملابس المُتسخة، ولا بنظافة المكان فالأرض ممتلئة بالأتربة والغبار، فيا وزير التموين هل يُرضيك هذا ؟ أعتقد بل أجزم أنه لا يُعجبك، ولا يرضيك، وطالما لا يرضيك فعلام إذن عدم التحرك والعمل على تفعيل الرقابة الدائمة على المخابز! بل على كل منفذ لبيع المواد الغذائية للمواطن، أما يُترك الحبل على الغارب هكذا؟ سيجعل الأمور تتفاقم أكثر وأكثر، وهذا ليس من صالح أحد، لماذا لا يتم محاسبة المطحن الذي يتهاون في سلامة المنتج الذي يصل للمخابز؟ لماذا تم خلط الدقيق بالرمال؟ هل يعود هذا بالنفع عليه؟ والله إني لأشفق على كل رب أسرة طحنته رحى الحياة، ولا يرحمه فيها أحد، ولا يحنو عليه فيها حان، تأتيه الرياح العاتية من جميع الجهات، لدرجة أنه يأتي عليه أوقات يتمنى فيها أن يُعجل الله بنهايته، قبل أن يموت من القهر، والمرض الذي يصيبه من اهمال الجميع، سواء محل بيع مواد غذائية، أو مطعم وهنا حدث ولا حرج ، فكل ما يخطر على بالك موجود بل وأكثر.
ونجد أن هناك نُظم فعالة للرقابة الغذائية في العالم، لأنها من الضروريات لحماية صحة الناس وضمان سلامتهم، فالأغذية تكون سبباً في انتشار الأمراض ، فالرقابة على الأغذية نشاط تنظيمي إلزامي من الدولة لتوفير الحماية للناس، والتأكد من وصول المنتج للناس آمناً وصالح للاستهلاك البشري، بعدما تم مراقبة خط الانتاج، والمناولة، والتخزين، والتجهيز، والتوزيع، متفقة مع اشتراطات الجودة والسلامة، وذلك بإنفاذ قوانين الأغذية التي تحمي المستهلك من الأغذية غير المأمونة، أو المغشوشة، التي انتشرت هذه الآونة للأسف الشديد، ناهيك عن الزيت المستعمل الذي يتم شراؤه من المنازل بعد استعماله، هل هذا يُعقل أيها المسئول؟ أدعوك أن تنزل الأسواق وتجول بها وستجد العجب العُجاب، ستجد كثيراً من المنتجات المغشوشة عليها شعار الشركة الأصلية، لك الله يا مصر، وهنا يطرأ على ذهني سؤالاً، هل هذا كان سيحدث في حال وجود رقابة فعلية؟ بكل تأكيد الإجابة بالنفي لا يحدث.
لا شك أن الناس في حاجة إلى الثقة والاطمئنان في سلامة الأغذية من الملوثات الكيميائية، فنقص النظافة العامة، وعدم وجود رقابة وقائية، وإساءة استخدام الأدوية الكيميائية خاصة الضارة منها، هي من العوامل التي تساعد في ظهور مصادر الخطر في الأغذية، لذا حتى يتم هذا التفاعل الذي يحافظ على سلامة الناس، يجب أن تُفعل نظم الرقابة، وعمل تشريع بإنشاء وظيفة قيادية وهياكل إدارية تقوم بوضع وتنفيذ سياسة متكاملة للرقابة على الأغذية، وتشغيل برامج الرقابة الوطنية، ووضع المواصفات واللوائح التنظيمية، وأن تكون الجهة الرقابية ذات سيادة مستقلة كالهيئة القضائية فكلاهما يحافظ على الانسان، فالرقابة تحافظ على الصحة، والقضاء يحافظ على الإنسان وإرساء قواعد العدل، ويجب على الجهة الرقابية أن تشارك في الأنشطة الدولية للرقابة على الأغذية، مع وضع إجراءات لحالات الطوارئ، مع إجراء تحليلات دورية للأخطار.
كذلك تفعيل إدارات التفتيش للتفتيش المستمر، من قِبل إدارة مدربة وذات كفاءة عالية تتصف بالنزاهة، لديها وسيلة مُجهزة بها كل سُبل الراحة التي تساعدها في المتابعة بشكل دقيق، مع الجمهور، لضمان السير بطريقة سليمة، فمصر بلد حضاري وصاحبة الحضارات العريقة، لذا يجب أن تكون في مكانتها الصحيحة، فهي ليست أقل من أي دولة خليجية، تتمتع بأفضل إدارات الرقابة والمتابعة، ومحاربة الغش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى