مقالات

منصات “التوك توك” والفتنة العظيمة!

بقلم: محمد كامل العيادي

إلى متى سيظل هذا التدني الأخلاقي، وإشعال العصبية القبلية عبر منصات التواصل الاجتماعي والتراشق بالألفاظ البذيئة؟!.. فهذا يسب والآخر يلعن ويتوعد، ولا نجد من يصد هذا أو ذاك، مما يثير علامات استفهام وأسئلة كثيرة؛ منها: أين دور شيوخ القبائل فيما يحدث سواء ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يحدث من تجاوزات على أرض الواقع؟ ولماذا التباطؤ في إطفاء شرارة هذه الفتنة قبل أن تنتشر في جسد القبائل؟ وما دور الدولة ومباحث الإنترنت في درء المفاسد قبل أن تغيم سُحبها في الأجواء؟ وهل لليهود والغرب دور في صناعة هذه الفتن أم أن العرب أنفسهم هم صانعوها؟.

إن الانفلات الأخلاقي عبر منصات التواصل الاجتماعي، كمنصة “التوك توك” وغيرها من المنصات الأخرى، ما هو إلا نذير شؤم لفتنة كبيرة بين القبائل، والتي إن قامت قد لا تبقي ولا تذر، وستطال الجميع ولن ينجو منها أحد، والخسارة ستكون للجميع وليس لفصيل دون الآخر، فلما لا نتعلم من تاريخ الأمة الإسلامية وما حدث فيها من فتن عظيمة، تسببت في قتل الكثير من المسلمين، وتم نبش قبورهم والتمثيل بجثثهم بطرق بشعة، وللأسف ليس لغيرة على الدين ولا حتى لنصرته، ولا لإعلاء كلمة الله، ولكنها حرب كانت على كرسي الحكم وقذارة الدنيا، وأدت هذه الفتنة إلى إدخال الأمة الإسلامية في نفق مظلم، وذلك في عصر الدولة الأموية والدولة العباسية، والتي تم فيها استباحة الدماء وقطع رقاب العباد وذبحهم كالخراف دون تسمية ولا رحمة، فكيف يعرفون الرحمة وقد خرجوا من تحت مظلة تعاليم الدين، ولم يتبعوا أوامر الله في الأفعال والأعمال، مما جعل المذهبية والطائفية تطل برأسها العفن، فبها تفرَّق المسلمون إلى طوائف متحاربة، وجماعات متشاكسه فكرياً وعقائدياً، ولاحت معها تحت غائمة الفتن، فتنة العصبية القبلية، وإشهار السلاح في وجوه بعضهم البعض، والتمسك بأمور الجاهلية التي حاربها الإسلام، ودفع كِبر الجاهلية عن عاتقهم ومن قلوبهم، والنهي عن الفخر بالآباء والأجداد، مؤمن تقي وفاجر شقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد أذهب الله عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم وآدم من تراب”، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: “من قُتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلة جاهلية”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية” فالعصبية خطيرة جداً، فلا نجعل أنفسنا فريسة لقلة من الصبية وفاقدي الحكمة، في نشر التعصب والدعوة إليه، فالتعصب من سمات الجاهلية، ومن مظاهره الطعن في الأنساب والنقيصة منهم وهذا واضحاً جداً هذه الأيام.

أي فتنة إن لم تجد من يئدها، ويقضي عليها في مهدها، ستكبر وتنتشر، ولا تستطيع الدولة ولا شيوخ القبائل القضاء عليها، ولا بد أن يكون لمباحث الإنترنت دور بارز في هذا الموضوع، ويجب أن تعي الدولة خطورة النعرة القبلية، فالقبلية معروف أنها تقوم على أساس الانحياز إلى أفرادها سواء ظالماً أو مظلوماً، مع الميل للقوة والتقاليد القبلية وعاداتها المتوارثة اجتماعياً وسيكولوجياً، وعقيدتهم أن هذا يحميهم ويحمي مقدرتهم في حل النزاعات والخصومات، وأي مشكلة تقابلهم، فمن يمتلك القوة يمتلك القرار، وكأنها أصبحت غابة، البقاء فيها للأقوى، في الحقيقة يرى البعض أن نفوذ القبيلة تزداد كلما أحست بضعف الدولة وتهاونها، وهذا جعل الصراعات تتفاقم وتزداد، مما زاد من نسبة القتل، وبشكل بشع، ولا ندري لماذا لا يتم الاحتكام للقانون وجعله هو سيد الموقف؟
لا بأس في إعطاء المساحة الكافية في الاحتكام للقضاء العرفي الذي يخفف العبء الكبير عن الدولة، ولكن لا ينبغي ترك الحبل على الغارب، بلا مراقبة ومتابعة، وإنهاء أي صراع قبل أن يقع.

خلف كل فتنة، شيطان من الإنس، يجب أن يُحارب وينبذ من الجميع حتى لا ينشر سمومه في أدمغة البشر، وليس لليهود ولا الغرب يد في الفتنة بين القبائل، مع أنهم يتمنون ألا تنقطع الحروب بين القبائل العربية، خاصة تلك التي تقطن شبه جزيرة سيناء، فإضعاف القبائل هناك بالمشاكل والخلافات، يُضعف السد المنيع للدولة المصرية من الشمال، لذا على العقلاء في القبائل القيام بدورهم الذي سيسألهم الله -عز وجل- عنه يوم القيامة، فيا مشايخ القبائل، لموا الشمل، وعليكم بتحمل مسؤولياتكم، حفظ الله مصر وأهل مصر من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى