مقالات

هلال عبدالحميد يكتب: «طوفان الأقصى والانتخابات الرئاسية»

قد يظن البعض إنه لا وقت للحديث عن الانتخابات الرئاسية في مصر مع ما تتعرض له غزه من جرائم حرب صهيونية، والحقيقة أن هذا الظن كله إثم.

فما يحدث في غزة له علاقة مباشرة بالانتخابات الرئاسية المصرية والعربية ، بل وبكل انتخابات تجرى بالوطن العربي، لأن ما وصلت إليه دولة الكيان من تبجح في جرائمها، وعدم اعتبارها لاية حسابات لأنظمتنا العربية،وهي تقوم بهدم بيوت غزه على رؤوس ساكنيها من المدنيين والأطفال والنساء ، وهي عاجزة عن مواجهة المقاومة الفلسطينية البطلة ، إنما تقوم دولة الكيان بكل هذه الجرائم لأنها تأمن وتأتأنس جانب الحكام العرب، لانها تعلم انهم يأتون الى كراسيهم دون انتخابات حقيقية، ولأنها دولة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الإرهابية، وحكام الغرب ماسكين لحكامنا ذلة، ولانهم يمكنَّون ويدعمون حكامنا في الجلوس على كراسيهم بينما يذلونهم بقضايا حقوق الإنسان، وهي قضايا يذلون حكامنا بها، وهم أنفسهم بعيدون عن حقوق الانسان كل البعد، بل يشاركون في قتل الأطفال والنساء والمدنيين، ويشاركون في منع العلاج والطاقة عن المستشفيات والمراكز الصحية. بل وتحول الحكام الغرب لحكام عرب في دعمهم للعدوان الصهيوني على المدنيين.

نحن الشعوب العربية.. المحاصرين كما الفلسطينيين بغزة، فنحن لا نمتلك حتى مجرد التعبير عن رأينا في دعم أهالينا في غزة والضفة، ولا نستطيع المشاركة في الحياة السياسية بحرية، ولا نُمَكن من انتخاب ممثلينا في أية انتخابات!! ويتم قمعنا، وحبسنا،بينما يستغل حكام الغرب حكامنا، ويعايرونهم بتزوير الانتخابات وانتهاكات حقوق الانسان، ويستغلونهم في اتخاذ مواقف، تدعم الصهيونية عمليًا بينما يطلقون بعض العبارات الرنانة الداعمة للفلسطينيين نظريًا
وبالتالي لا يجوز القول بإن الحديث عن الانتخابات الرئاسية المصرية ترف لا يليق بينما يتعرض اشقاؤنا لكل هذا الدمار والموت، فالقضايا مترابطة وهي مقدمات تؤدي لنتائج !!فحرمان الشعوب العربية من ممارسة حقها الديمقراطي منعها من حقها في تنمية حقيقية ومن حكم رشيد ديمقراطي يحقق تنمية حقيقية وقوة حقيقية قادرة على الدفاع عن حقوقها وعن أراضيها.

كنت مؤيدًا لترشح طنطاوي، وكنت أتمنى ترشحه معبرًا عن الحركة المدنية الديمقراطية، وعن المعارضة المصرية أمام مرشح النظام، وتأييدي له ليس لأنه أفضل م زهران أو جميلة أو قرطام ممن اعلنوا، أو ظهرت رغبات لهم أو لاحزابهم في الترشح ، ولكنني كنت أرى الطنطاوي الأكثر شعبوية في مواجهة مرشح النظام الشعبوي، فالرئيس المرشح، أو المرشح الرئيس صاحب خطاب شعبوي بامتياز، ولكن خطابه الشعبوي، والذي كان يلقى تأييدا معقولًا في ٢٠١٤ فقد معظمه مع مرارة الواقع الذي يعيشه المصريون.

وكنت شبه متيقنًا من ان الطنطاوي سيمُنع من دخول السباق الانتخابي، لان النظام لن يتحمل لهجته الشعبوية في مواجهة النظام باشخاصه وبسياساته، وعلى الرغم من ان ما كنت اعتقده من المنع يشبه اليقين ، الا انني غضبت من المنع وفكرت مليًا في المقاطعةً، وبالطبع لم تترشح جميلة إسماعيل لان حزبها اتخذ قرارًا بعدم الترشح، ولم يترشح قرطام لأنه على الرغم من محاولة بعض قيادات الحزب ترشيحه-لست منهم -، إلا انه كان يردد ان الترشح فرض كفاية، ولن يترشح طالما كان هناك من يقوم بهذا الفرض،وله كل الحق.

ولم يصل لعتبة الترشح وإلى القائمة النهائية للمرشحين سوى فريد زهران مع ثلاثة آخرين ربما كلهم يمثلون النظام ومرشحه الرئيسي.

وفريد زهران كأي سياسي قد تختلف معه، ولكنك لا تستطيع المزايدة عليه،فقد شارك في كل محاولات التغيير بمصر ومنذ كان مشاركًا في الحركة الطلابية بالجامعات، وكأحد قيادات أنتفاضة١٧و ١٨ يناير وكذا ثورة ٢٥ يناير وامتداداتها ، وقد دفع الرجل أثمانًا باهظة من حريته ومن رزقه ومن عمله ، وتم الاعتداء عليه في إفطار الحركة المدنية بالنادي السويسري بالكت كات في رمضان ٢٠١٨ الرجل لم يتوانَ عن المشاركة، وهو يمثل مدرسة سياسية محترمة ، ومن وجهة نظري الشخصية ففريد زهران من أكثر قادة المعارضة والحركة المدنية الديمقراطي مؤسسية، وينتمي ويترأس حزبًا ديمقراطيًا بمعنى الكلمة، وانتخاباته تتم من القاعدة الى القمة بتنافس كبير وبشكل دوري وبانتخابات حرة ونزيهة ومراقبة من العديد من منظمات المجتمع المدني، توجد مشكلات وشكاوى في كل انتخاباته، ولكن متى كانت هناك انتخابات لا تحدث بها بعض التجاوزات ؟!!!، نحن لسنا في عالم مثالي. ومن ثم فهو يحمل توجهات ديمقراطية تجعله يقدم نموذجًا لمرشح ديمقراطي مارس الديمقراطية
يدخل حزبه وخاض انتخابات رئاسة الحزب وفاز بفارق ٤ أصوات مرة وبعدد بسيط في المرة الأخيرة له كمرشح لرئاسة الحزب كما تنص لائحة حزبه الدستورية ( قد يقول قائل: ولماذا تركت الحزب وهو كما تصف؟!واجابتي: تركته لأسباب شخصية، لا علاقة لها بمشكلات بالحزب أو بيني وبين قياداته)
على الرغم من غضبي بعد الخروج الظالم والمتوقع لطنطاوي من المنافسة، وكنت اعتقد بان المقاطعة أولى، ولكنني ولطبعي الغالب عليه المشاركة دافعت عن المشاركة ، وكنت باجتماعات حزبي( المحافظين) مدافعًا عنها، ومدافعًا عن دعم فريد زهران ، فهو يمثل المعارضة وهو يقدم خطابًا مؤسسيًا، لا يعبر عن حزبه فقط ، بل عن كافة أحزاب المعارضة، ومتخدًا من برنامجها الناتج عن مشاركة الحركة المدنية الديموقراطية في الحوار الوطني ( أفق الخروج)، وكنت اثق إن زهران خلال حملته الانتخابية سيقدم خطابًا معارضًا قويًا، ومن خلال متابعتنا لخطابه فقد فعل

واذا كانت بعض أهم أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية قد دعمته كالعدل والإصلاح والتنمية ولكن بعض اقطاب الحركة المدنية الأخرى لم تدعمه، بل وأصدرت بيانًا بتوقيعاتها بانها ليس لديها مرشح بالانتخابات الرئاسية.

فهل المقاطعة هي الموقف المناسب، اعتقد العكس هو الصحيح، فالمقاطعة-خاصة وأنها سلبية-لا طائل من ورائها، بينما المشاركة ومواجهة النظام في معركة انتخابية بمرشح رئاسي واحد عن المعارضة شاءت الظروف ان يكون واحدًا-هو الاجدى، فليست هناك انتخابات مضمونة النتائج مهما حاول القائمون عليها هندستها، والزخم وتصويت المعارضة، والتصويت العقابي قد يغير مجريات الأمور، وقد لا يجد القائمون على الانتخابات إلا تزويرها تزويرا مباشرًا في نهاية المطاف، كما تم معي بالانتخابات البرلمانية ٢٠١٥ فقد بذل القائمون على الانتخابات كل ما لديهم من ضغط على العمد والمشايخ وقيادات المسيحيين والإعلام ، وعندما اصر الناخبون على انتخابي باكتساح لم يكن هناك بد من تمزيق محضر اعلان النتيجة باللجنة العامة وإعادة كتابته لاسقاطي ، ومع عمرو الشوبكي حكمت المحكمة بنجاحه واسقاط منافسه احمد مرتضى منصور، ومجلس النواب لم ينفذ حكم محكمة النقض الا في أحد شقيه باسقاط عضوية احمد مرتضى ، مع الفارق طبعًا ، فعلى الأقل لو تم تزوير نتيجة الانتخابات سنعرف قوتنا وسيعرفون قوتنا وقوتهم ( ربما لا يعرفون قوتهم) ، بجانب طبعًا تدريب كوادرنا، واستعدادها لانتخابات المحليات والبرلمان وكذا انتخابات الرئاسة ٢٠٣٠

وانا مقتنع تمامًا بان مشاركة فريد زهران في الانتخابات الرئاسية لا تختلف عن مشاركته ومشاركة الحركة المدنية الديمقراطية في الحوار الوطني عندما قال في افتتاحه أنه يشارك( علشان انا مش عايز قدام نفسي وقدام ضميري وقدام التاريخ يتقال بعد شهر او سنة أو عشرة كان فيه طاقة اتفِتحت، وانتو مدخلتوش، وكان فيه احتمال لمخرج وانتو مستغلتوهوش)

وهذا الكلام المنطقي انطبق على دخول الحركة المدنية للحوار الوطني، ولم تكن الضمانات التي طلبوها قد تحققت، واعتقد ان نفس الكلام ينطبق على دخول معركة الانتخابات الرئاسية.

تقول بعض أحزاب الحركة المدنية -وانا معهم -أنها مسرحية ، والحقيقة ان كل انتخاباتنا منذ ١٩٥٢ مسرحية وباستثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد ثورة يناير ٢٠١١ كل الانتخابات كانت مسرحية، ودومًا ما كان يتم شطب المرشحين وتزوير الانتخابات سواء في انتخابات اتحادات الطلاب أو النقابات أو المحليات أو البرلمانية والرئاسية او الاستفتاءات ، وكان الاخوان يشاركون في غالبيتها، وعندما جاءت لحظة الحقيقة كانوا هم الأقدر والأجهز وتمكنوا من صيد المقاعد، بينما لم تتمكن القوى المدنية من حصد حتى ربع مقاعد البرلمان ، لأنها كانت عاجزة، مقاطعة مختلفة متناحرة، يخون بعضها بعضًا
وسؤالي للحركة المدنية، هل نحن جميعًا بأحزابنا في حياة حزبية سليمة ومحترمة،ونمارس انشطتنا حسب القانون والدستور
أم أننا في مسرحية ونسير جميعًا تحت الاسقف المنخفضة التي وضعتها الأجهزة ، ولا نستطيع حتى تجميد أو حل أحزابنا إن اردنا؟!!!، فلماذا نوافق ونستمر في آداء أدوارنا بهذه المسرحية الحزبية، ونرفضها في الانتخابات الرئاسية، انا طبعًا لا الوم على الأحزاب ولا اطالبها بالانسحاب من المشهد الحزبي، فنحن نحاول ونحاول، وسنصل في النهاية لحياة حزبية سليمة، لن تأتي إلا بالمحاولة والاستمرار والنفس الطويل.

والسؤال الآخر، لماذا شاركنا جميعًا في انتخابات برلمان ٢٠١٥، وكان من الظاهر جدًا إنها تُهندس بقوائمها وفرديها، وحتى من دخلوا لبرلمان ٢٠١٥ من المعارضة دخلوا فعلًا بقوتهم وشعبيتهم، ولكن بموافقة من يديرون الانتخابات وربما لم تكن الأجهزة تعلم مدى قوة هؤلاء المعارضين، وقد تفاجأت الأجهزة بقوة ومصداقية بعضهم، وبالتالي اسقطتهم عمدًا في ٢٠٢٠، وربما البعض مر والأجهزة تعتقد انهم تحت السيطرة، وبالفعل بعضهم كان تحت السيطرة وصوتوا مع الأجهزة في قضية سعودية تيران وصنافير ومع التعديلات الدستورية،بينما من خالف توقعات الأجهزة تم رصده واسقاطه في ٢٠٢٠، باستثناءات نعرف تفاصيلها

فلماذا لا تقف أحزاب المعارضة وقفة واحدة مع مرشح المعارضة الوحيد، وتستغل الحركة المدنية، فرصة الانتخابات،وتروج لبرنامجها وتدرب كوادرها، وتعطي للمواطنين الأمل في بديل ديمقراطي حقيقي موحد وقادر على المنافسة. وان لم نفز في هذه الجولة فلنعتبرها ( بروفه) لغيرها والشيء بالشيء يذكر فدائرتي الانتخابية بساحل سليم بأسيوط وكنا نترشح في كل انتخاباتها ويسقطوننا ونرفع قضايا ونحل المحليات وننجح أحيانا، ونشارك في البرلمان. ويتم التزوير ضدنا، وفي ٢٠١١ لم يفز أي مرشح للإخوان والسلفيبن بمركزي ساحل سليم بل فازت أمرأة ومسيحي من بين ٦ مقاعد عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بالمحافظة والذي كنت امينه بأسيوط و ادير انتخاباته بألمحافظة ، وبينما اكتسح الإخوان كل مقاعد اللجان النقابية لنقابة المعلمين على مستوى الجمهورية فانهم لم يفوزوا الا بمقعدين من بين ١٦ مقعدًا باللجنة النقابية للمعلمين بساحل سليم بينما فازت القائمة التي كنت ادعمها بـ ١٤ مقعدًا من بينهم النقيب،كل ذلك لان لدينًا فريقًا انتخابيًا مدربًا وكنا مشاركين دومًا بكل الانتخابات
لا زالت الفرصة متاحة لتوحيد القوى المدنية ، والسير في مواجهة مرشح النظام بكل قوة في معركة انتخابية كاشفة. والا نكر كل أخطاء الماضي بكل مآسيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى