تقارير و تحقيقات

في ذكرى ميلاده..شيخ الأزهر يُصدر قرارًا بعدم منح طه حسين درجة الدكتوراة

يمر علينا اليوم ذكرى ميلاد علم من أعلام الأديب والناقد الكبير المبصر طه حسين الذي لقب بعميد الأدب العربي، ورغم مرور الكثير على رحيله إلا أن حركته الفكرية تثير جدلا مستمرا لا ينفك عن قراءه، فهو كان يعرف بشجاعته، وبتحدثه في أمور دينية دقيقة تثير حفيظة وعقيدة أصحابها تجاه هذا الرأي.

وفي هذا الصدد يستعرض موقع وجريدة “اليوم” المحطات البارزة في حياة عميد الأدب العربي، لا سيما المعارك الفكرية منها.

ميلاده

ولد طه حسين علي بن سلامة في يوم الجمعة 15 نوفمبر 1880، تربى وعاش في قرية مغاغا التابعة لمحافظة المنيا في صعيد مصر، في الرابعة من عمره أصيب برمد في عينه، وهناك ثمة أقوال تفيد أنه لما وجد تعب في عينه جعل الرؤية غير واضحة أن أهله لم يستدعوا له الطبيب، بل وصف الحلاق له علاجا أفقده بصره إلى الأبد.

كتن والده حسين يعمل موظفا في شركة السكر، ولكي يعتني به أدخله أبوه كتاب القرية للشيخ محمد جاد لكي يحفظ القرآن، قحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.

تعليمه

تعلم في الأزهر الشريف فحصل على ما تيسر من الثقافة الدينية والعربية وحصل على شهادة آنذاك تجعله يتخصص في الجامعة، لكنه لم يكمل واتجه إلى الجامعة المصرية، فدرس الحضارة الإسلامية والتاريخ والجغرافيا وغيرهم من العلوم.

وكان في الوقت ذاته حريص على الحضور في الجامع الأزهر في دروسه وندواته الدينية واللغوية ودأب على هذا العمل حتى سنة 1914، وهي السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراه وموضوع الأطروحة هو: «ذكرى أبي العلاء» ما أثار ضجة في الأوساط الدينية، وفي ندوة البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف.

وقد صدرت أوامر من شيخ الأزهر للجنة بعدم منح طه حسين درجة العالمية مهما كانت الظروف، وإن كان مؤلف «الأيام» قد مُنِعَ من الحصول على درجة العالمية في الأزهر الشريف، فإنه قد بلغ أعلى درجة علمية في الجامعة، بنيله شهادة الدكتوراه وهكذا صار رجل «جامعة» بدل أن يصير رجل «جامع». فإن إفشاله في الجامع كان أعظم حافز نحو النجاح المبهر في الجامعة.

معاركه الفكرية


دعا طه حسين إلى نهضة أدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراؤه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبال طه بهذه الثورة ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها، ولكن استمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونوا على قدر كبير من التمكن والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.

من المعارضات الهامة التي واجهها طه حسين في حياته تلك التي كانت عندما قام بنشر كتابه «الشعر الجاهلي» فقد أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، والكثير من الآراء المعارضة، وهو الأمر الذي توقعه طه حسين، وكان يعلم جيداً ما سوف يحدثه فمما قاله في بداية كتابه:

“هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفه الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقا آخر سيزورون عنه ازورارا. ولكني على سخط أولئك وازورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة”.

وليس سرا ما تتحدث به إلى أكثر من مائتين، ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعا ما أعرف أني شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي، وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بازورار المزور.

وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد.

محمود عرفات

محرر ديسك، محرر في قسم الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى