تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

طوفان الأقصى ٤٨… أسوأ مذبحة كاملة في غزة 

ليلة عصيبة عاشها أهل غزة تغولت فيها سلطات الاحتلال عليهم قبيل سريان الهدنة الإنسانية، ووصفها شاهد عيان الصحفي “يوسف الفارس”- فجر اليوم- فقال: “لم يعش سكان شمال غزة ليلة كهذه منذ بداية الحرب، مئات الغارات من صواريخ أرض أرض والقنابل الملقاة من الطائرات الحربية والقذائف المدفعية صبت على كافة المناطق الشمالية منذ الساعة السادسة من مساء يوم الخميس ولا زالت متواصلة حتى اللحظة”.

ليس بغريب على جيش الاحتلال، فمثل سابق عهده وقبيل التهدئة بساعات بل وربما منذ عقد نية الموافقة على التهدئة، صعد الاحتلال غاراته الوحشية ضد المدنيين مركزا استهدافه على المناطق المزدحمة والمستشفيات ومدارس النزوح التي تؤوي النازحين بالآلاف، ونجح في رفع أعداد الشهداء إلى ١٤٨٥٧ بينهم قرابة ٦١٥٠ طفل، و ٤ آلاف امرأة، بالإضافة ٣٦ ألف مصاب، وأكثر من ٧ ألاف مفقود تحت الأنقاض.

كذلك نجح في تشريد مليون ونصف فلسطيني بين مدارس ومخيمات النزوح، و استهدف الأطقم الإعلامية، حيث أصيب عدد من الصحفيين ظهر الخميس بفعل سقوط مبنى أثناء تغطيتهم لقصف الاحتلال على منازل في خانيونس، وقد أدى تعدد الاستهدافات لاستشهاد ٦٥ صحفيا بعد استشهاد المصور الصحفي “محمد معين عياش” في قصف- فجر الخميس- على النصيرات، بخلاف الصحفيين بقناة الميادين اللبنانية “فرح عمر وربيع المعماري” الذين استهدفهما قصف الاحتلال على الجنوب اللبناني أثناء تأدية عملهما، وذلك بخلاف العاملين في المجال الإعلامي الذين قتل الاحتلال أفراد عائلاتهم وذويهم مثل “وائل الدحدوح، وإسراء البحيصي، ودعاء الباز، ومحمود الصباح، وأمجد أبو شريعة،… وغيرهم”، كما نال الاحتلال من أطقم الإسعاف والطواقم الطبية فبلغت أعداد الشهداء بينهم ٢٠٥ شهيد، وبالمثل استشهد ٢٥ فرد من فرق الدفاع المدني منذ بدء العدوان على غزة وحتى توقيع اتفاق التهدئة. 

وفي الضفة الغربية تخطى عدد الشهداء منذ ٧ أكتوبر وحتى وقت كتابة هذا التقرير ٢٣١ شهيدًا، بينهم الطفل “محمد عديلي”- ١٢ عامًا- الذي قتلته قوات الاحتلال خلال اقتحامها بلدة بيتا جنوب نابلس، واعتقلت أكثر من ٣١٣٠ شخص بينهم نساء وأطفال.

كما استخدم التهديد مع كل العاملين في شمال غزة من المستشفيات والطواقم الطبية وطواقم الإسعاف والدفاع المدني، وآخرها كان تهديد الصحفيين الذين يواصلون التغطية شمال القطاع، فتلقى الصحفي بقناة الجزيرة “أنس الشريف” – الأربعاء- عدة مكالمات تهديد من ضباط الاحتلال لترك المنطقة وإيقاف التغطية، وهو ما أعلن “الشريف” رفضه وأصر على استمرار تقديم التغطية من الشمال.

و طوال ٤٧ يومًا كان الاحتلال يقصف المباني والمؤسسات بشكل ممنهج وكأنها هدفًا في حد ذاتها، فدمر ٢٣٣ ألف بناية سكنية بشكل جزئي، و ٤٥ ألف وحدة بشكل كلى، وقصف ٢٦٦ مدرسة منها ٤٧ مدرسة خرجت عن الخدمة، بالإضافة إلى هدم ٨٥ مسجدا بشكل كلي وتهدم ١٧٠ مسجد بشكل غير كامل وتضررت ٣ كنائس و ١٠٢ مقر حكومي.

تلك الجرائم وغيرها مما ارتكبه الاحتلال منذ السابع من أكتوبر إلى الآن، دفعت المرصد الأورومتوسطي- الأربعاء- لدعوة الأمم المتحدة لاعتماد مصطلح “إبادة غزة الجماعية”، كون ما يجري من عدوان على القطاع يتوافق مع بنود اتفاقية الإبادة، حيث أشارت تقديرات المرصد إلى ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى ٢٠ ألف شهيد.

وفي ذات السياق، أرسل ٣ آلاف محام في تركيا رسالة إلى محكمة العدل العليا في “لاهاي” حول جرائم الاحتلال في قطاع غزة مرفقة بالدلائل والمشاهد والصور.

الأوضاع الإنسانية

“ما حدث في قطاع غزة مذبحة كاملة وهي الأسوأ على الإطلاق” هكذا عبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن الوضع الإنساني المزري في القطاع، فبخلاف عداد القتل والمذابح التي ترتفع بشكل وحشي، هناك عددًا كبيرا من الكوارث الإنسانية تدق أبواب القطاع المحاصر، يأتي على رأسها خطر المجاعة، حيث أكد مدير مكتب الإعلام الحكومي بغزة أنهم على أبواب مجاعة حقيقية في شمال غزة لأن الاحتلال رفض السماح بدخول الغذاء.

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قد قالت في وقت سابق أنها كانت تدخل القطاع ٥٠٠ شاحنة مساعدات يوميًا، لسد حاجته الإنسانية، وبتفاقم الوضع الكارثي في القطاع خلال الحرب، أضحت الحاجة ملحة لإدخال ٨٠٠ شاحنة مساعدات في اليوم لمدة تتراوح بين شهرين إلى ٦ ثلاثة، وذلك بينما يقتصر دخول المساعدات خلال الهدنة المقرر أن تبدأ صباح اليوم على ٢٠٠ شاحنة يوميا بينها ٤ شاحنات وقود بخلاف غاز الطهي.

كذلك كان لتشريد الملايين بصمته في اشتداد وطأة المأساة، فقد أعلنت الأونروا: أن إجمالي عدد النازحين في قطاع غزة بلغ مليون نازح يقطنون داخل ١٥٦ مركزاً تابعًا لها. ما أدى لوجود اكتظاظ كبير داخل تلك المراكز حيث تستوعب مرافق الوكالة ما يفوق طاقتها الاستيعابية بنحو ٤-٩ مرات، ما دفع الوكالة للتحذير من الاكتظاظ والظروف غير الصحية في غزة اللذين تسببا في انتشار كبير للأمراض لاسيما التنفسية والجلدية.

وامتدت خيوط المأساة للمستشفيات، التي أضحت هدفًا أصيلا للاحتلال وبؤرة ارتكاز لأعماله الإرهابية، في اختراق لكل القوانين الدولية والخطوط الحمراء. فكان مجمع الشفاء الطبي أحد مسارح الأحداث في غزة- الخميس- حيث أعدت قوات الاحتلال لإخلاء العالقين فيه بشكل قسري، وأوقفت وزارة الصحة بغزة التنسيق بالكامل مع منظمة الصحة العالمية في مسألة إجلاء الجرحى والطواقم الطبية المتواجدين في مشفى الشفاء، بسبب توقيف قافلة طبية- من الأمم المتحدة ممثلة بمنظمة الصحة العالمية- خرجت حاملة بعض المرضى والنازحين من مستشفي الشفاء عند حاجز للاحتلال بين الشمال والجنوب لمدة زادت على  ٧ ساعات، تعاملت خلالها القوات الإسرائيلية بعنف شديد مع  المرضى والمرافقين والطواقم الطبية المصاحبة، وانتهى الأمر باعتقال عدد منهم وعلى رأسهم مدير عام مجمع الشفاء الطبي د. محمد أبو سلمية”. 

وبفعل هذا التصعيد أوقفت وزارة الصحة بغزة كل تعاون مع منظمة الصحة العالمية لحين التحقيق في الأمر وإطلاق سراح المعتقلين، حيث رأت الوزارة: إن وجود الأمم المتحدة وطواقمها والخروج تحت رايتها، غرر بطواقمنا الطبية وجعلها تثق بتنسيقها لإخلاء الجرحى والطواقم الطبية”. وقال طبيب داخل المجمع: إن هناك ٣ أطباء و ٤ممرضين يقدمون الرعاية للمرضى البالغ عددهم ١٨٠ مازالوا عالقين بالمستشفى

ومن الشفاء للإندونيسي، حيث أنذر الاحتلال وزارة الصحة في غزة- صباح الخميس- بإخلاء المستشفى الإندونيسي خلال ٤ ساعات، وهو المستشفى الذي يضم ٢٠٠ مريض بعد أن غادر أمس ٤٥٠ مريض، بفعل الأعمال العدائية الصهيونية التي استهدفت المستشفى، حيث استهدف الاحتلال المستشفى بقصف عنيف طال المولدات الكهربائية وأجواء كبيرة من المباني، وهدد حياة الموجودين فيها من الجرحى والكوادر الطبية، وأدى لانقطاع التيار الكهربائي عن المستشفى مع استمرار القصف وتضرر المولدات الكهربائية بعد اشتعال النار فيه، ولم يكتف الاحتلال بذلك بل قصفت دباباته المتمركزة قبالة المستشفى بواباته مع المولدات الكهربائية. ثم أقدمت قوات الاحتلال على اقتحام المستشفى قبيل أقل من ساعتين من بدء سريان الهدنة التي تنطلق اليوم السابعة صباحًا، وقتلت امرأة جريحة وأصابت ٣ أشخاص واعتقلت ٣ آخرين. 

وقصف الاحتلال أحد طوابق مستشفى العودة ومحيط المستشفى، ما أدى لاشتعال الحرائق في المستشفى والمناطق المجاورة له. وفي ذات السياق أكدت المتحدثة باسم أطباء بلا حدود استشهاد اثنين من أعضائها، أثناء أداء عملهما في مستشفى العودة، واستهداف الاحتلال عيادات أطباء بلا حدود في محيط مستشفى الشفاء، واتهمت الاحتلال بإصدار حكم بالإعدام بشكل واضح وصريح على الفرق الطبية والجرحى، وشددت على أن الهدنة- التي ستبدأ اليوم- غير كافية إلا إذا أدت إلى وقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار.

وهو ما علق عليه المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة: بأن “الاحتلال يحاول استغلال ساعات ما قبل الهدنة لإيقاع أكبر عدد من الشهداء”. مطالبًا كافة الجهات باستثمار الهدنة الإنسانية من أجل تدفق المساعدات الطبية والوقود والوفود الطبية وخروج أعداد كبيرة من الجرحى.

معبر رفح

مع بدء سريان الهدنة الإنسانية الموقتة في السابعة من صباح اليوم، بدأ تدفق المساعدات للقطاع عبر معبر رفح، حيث دخلت شاحنات الوقود أولا وتبعتها شاحنات المساعدات.

وقد أعلنت السلطات المصرية فتح معبر رفح اليوم أمام من يرغب من المواطنين الفلسطينيين العالقين في شمال سيناء في العودة الطوعية إلى غزة، كما سيسمح بعودة باقي العالقين في القاهرة والمحافظات المصرية طوعاً، بدءاً من السبت.

ومن المقرر أن يبقى معبر رفح مفتوحًا خلال فترة الهدنة، لإدخال المساعدات الإنسانية المقدرة ٢٠٠ شاحنة أدوية ومساعدات طبية وإنسانية، و٤ شاحنات وقود وغاز للطهي.

مسير المقاومة

استمر مقاتلي المقاومة على عهدهم بالقتال للرمق الأخير مع استمرار مجازر العدو، فخاضت المقاومة اشتباكات ضارية في أنحاء متفرقة شمال القطاع، حيث تحدث “أبو عبيدة”- الناطق العسكري باسم كتائب القسام- عن مجمل إنجازات القسام منذ بدء الحرب إلى الآن، فقال: إن أعمال المقاومة متواصلة ومستمرة وموجعة في التصدي للعدوان الصهيوني الغاشم، حيث تمكن مجاهدونا من استهداف ٣٣٥ آلية عسكرية صهيونية استهدافًا مباشرًا، بالقذائف وعبوات العمل الفدائي والشواظ، منها ٣٣ ألية في ٧٢ ساعة الماضية، وتنوعت تلك الآليات بين ناقلات الجند والدبابات والجرافات، وذلك بخلاف استهداف الجنود بالقذائف والعبوات المضادة للافراد ودك التحشدات الصهيونية بقذائف الهاون والرشقات الصاروخية المستمرة على مدن ومستوطنات الاحتلال.

وأكد أن مقاتلي القسام نفذوا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة عدة عمليات نوعية أوقعت قتلى وإصابات مؤكدة بين صفوف قوات العدو، فقال: نفذ مجاهدونا أول أمس عملية رصد واستهداف لقوة راجلة من جنود العدو من ٥ جنود وهاجموهم بالقذائف والأسلحة الرشاشة فأجهزوا عليهم جميعا، ثم انتظروا جنود النجدة واوقوعهم في كمين بعد احتمائهم في مبنى فقاموا بقصف المبنى وأوقعوهم بين قتيل وجريح.

وتابع: وهاجم أحد مجاهدينا ٨ جنود شرق مستشفى الرنتيسي بحي الشيخ رضوان وأمطرهم بالرصاص الحي فأسقطهم بين قتيل وجريح، دون أن يتمكن أحدهم من الرد على الرصاص وعاد المجاهد إلى عقدته بسلام، واستهدف مقاتلينا مجموعة راجلة من ٦ أفراد بعبوة رعدية مضادة للأفراد، فأوقعوهم بين قتيل وجريح وانتظروا قوة النجدة واستهدفوها بكمين آخر. كما رصدوا قوة تحاول تفجير فتحة نفق فقاموا بضربة استباقية بتفخيخ فتحة النفق فأوقعوا القوة بين قتيل وجريح، وتمكنوا من قنص أحد الجنود.

وقالت مصادر لشبكة “قدس” الإخبارية: إن المقاومة الفلسطينية واصلت خوض معارك ضارية وتصدت لمحاولات توغل إسرائيلية جديدة في عدة محاور منها:   “شارع أحمد ياسين” بمنطقة الصفطاوي ومحيط مستشفى كمال عدوان، لمنع الاحتلال من تحقيق مبتغاه، حيث أنه- وفق مراقبين- يحاول التقدم للأمام قدر الإمكان للاحتفاظ بما يستطيع من مساحات يصل إليها قبيل دخول التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ.

واستهدفت كتائب القسام تحشدات قوات العدو في كيبوتس “حوليت” بمنظومة الصواريخ “رجوم” قصيرة المدى من عيار ١١٤ ملم، وخاضت اشتباكات مسلحة ضارية مع قوات العدو المتوغلة في منطقة حجر الديك شرق المنطقة الوسطى بالأسلحة المناسبة وقذائف الهاون.

ومع استمرار الاشتباكات الضارية بين المقاومة وجيش الاحتلال في عدة مناطق منها بيت حانون شمال قطاع غزة، أعلنت سرايا القدس قصف التحشدات العسكرية وجنود العدو في محور التقدم “نتساريم” بعدد من قذائف الهاون، وكذلك في محيط قصر العدل بوابل من قذائف الهاون النظامي عيار ٦٠ ملم، وخاص مجاهدوها اشتباكات ضارية مع جنود العدو في محاور التقدم شمال قطاع غزة، واستهدفوا آليتين عسكريتين  بقذائف”التاندوم” و (RPG).

وكانت سرايا القدس قد أعلنت أن مجاهديها تمكنوا -أمس- خلال ساعات من استهداف ١١ آلية عسكرية صهيونية متنوعة بقذائف “التاندوم” وعبوات العمل الفدائي في محاور التوغل حي الزيتون وتل الهوا والشاطئ والشيخ رضوان ومنطقة جحر الديك. واستهدف مقاتلي سرايا القدس بالاشتراك مع مقاتلي القسام آلية “ميركافا- Baz4” الصهيونية بقذيفتي (RPG-85) و “ياسين ١٠٥” في شارع المستوصف بحي الزيتون.

وخاض مقاتلو «قوات الشهيد عمر القاسم» اشتباكات ضارية مع القوات والآليات الصهيونية المتوغلة في منطقتي التوام والصفطاوي شمال قطاع غزة، موقعين خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال. وبثت كتائــب أبو علي مصطفى مشاهد من قصف حشودات العدو ومستوطناته بقذائف الهاون والرشقات الصاروخية، رداً على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. وقالت ألوية الناصر صلاح الدين إنها خاضت اشتباكات ضارية مع الاحتلال على محاور القتال شمال غرب جباليا.

كما أطلقت المقاومة عدة رشقات صاروخية مكثفة تجاه مستوطنات غلاف غزة كان آخرها “نير عام”- فجر اليوم- وقصفت سرايا القدس تحشدات للعدو بموقع “كرم أبو سالم” بقذائف الهاون الثقيل، كما قصفت القسام تحشدات العدو في “صوفا” بقذائف الهاون، وكذلك قصفت برشقة صاروخية تجمع “مفتاحيم” ودوت صافرات الإنذار في موقع “كيسوفيم” بغلاف غزة.

وفي الضفة الغربية اقتحمت قوات الاحتلال عدة مدن ومخيمات، بدءًا بمخيم بلاطة شرق نابلس، الذي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة باتجاهه، وبلدة رمانة بجنين، ونقلت وسائل إعلام عبرية أن عملية إطلاق النار الأخيرة استهدفت برجاً لجيش الاحتلال في مستوطنة “بسجوت” المقامة على أراضي البيرة، وألقى بعض الشباب قنبلة يدوية الصنع تجاه بوابة معسكر “قبة راحيل” الإسرائيلي والمقام في مسجد بلال بن رباح المحتل، مقابل مخيم عايدة شمال بيت لحم، وأطلق مقاتلي كتيبة العياش صاروخ قسام “1” تجاه مستوطنة “شاكيد” رداً على جرائم الاحتلال في غزة والضفة وبحق الأسرى والأقصى.

وعلى الجبهة الشمالية، أطلق حزب الله الرشقة الصاروخية الأكبر منذ بدء عملية طوفان الأقصى، التي قدرت بنحو 50 صاروخاً صباح الأمس على مستوطنات ومواقع العدو العسكرية شمال فلسطين المحتلة، ودوت صافرات الإنذار في مستوطنات شمال فلسطين، ومن بينها مستوطنات “المنارة” و”مرجليوت” و”كريات شمونة” و”شلومي”، كما استهدف مواقع عسكرية في مستوطنة “المطلة” قرب لبنان بصاروخ موجه، وموقع آخر في “بركة ريشة” بالصواريخ.

كما أعلن حزب الله استهداف ٤ جنود إسرائيليين “بعد رصد دخولهم إلى منزل في مستعمرة المنارة” ‏بصواريخ موجهة ‏مركزة وخاصة، ما أدى إلى مقتلهم جميعا وتدمير المنزل فوق رؤوسهم.‏ وقالوا: إنهم نفذوا أكثر من ٢٢ عملية ضد مواقع ومستوطنات إسرائيلية منذ صباح اليوم، وهو العدد الأعلى على جبهة جنوب لبنان منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”.

وفي العراق، أعلنت المقاومة الإسلامية استهداف قاعدة الاحتلال الأمريكي في حقل كونيكو النفطي بسوريا برشقة صاروخية أصابت أهدافها بشكل مباشر، والقاعدة الأمريكية في مطار أربيل شمال العراق، والقاعدة الأميركية داخل حقل العمر النفطي في سوريا.

وقد أعلنت القوات البحرية اليمنية أمس استمرار مقاومة الملاحة الصهيونية في بيان مقتضب جاء فيه: “لبيك يا أقصى، لبيك يا غزة”.. نقول للاحتلال الإسرائيلي إن باب المندب خط أحمر وممنوع عليكم المرور من هنا، وإذا لم يتوقف العدوان على غزة فلن نتوقف عن استهداف أي سفينة إسرائيلية أو يديرها إسرائيليون أو أي قطعة عسكرية تحمي السفن الإسرائيلية. وقالت القوات المسلحة اليمنية: “أطلقنا دفعة من الصواريخ المجنحة على أهداف عسكرية مختلفة للكيان الإسرائيلي في أم الرشراش “إيلات”، وسنستمر بعملياتنا حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، والله على ما نقول شهيد”.

وفي سياق آخر، أعلنت صحيفة “صباح” التركية- أمس: أن المخابرات التركية أحبطت مخطط لجهاز “الموساد” الإسرائيلي لاختطاف مهندس فلسطيني من قطاع غزة يسكن في اسطنبول، كان نجح قبل سنوات في اختراق منظومة “القبة الحديدية” وتعطيلها.

الشارع الفلسطيني

كان شباب المخيمات الفلسطينية بالأردن هم أبطال الموقف، فقد أكدوا صدق إعلانهم الأول قبيل الهدنة بدء قوافل العودة وبكل الطرق الممكنة إلى ديارهم في فلسطين، وأن باكورة قوافل العودة تكون من أهل المخيمات من غزة، وقالوا: “إنهم كانوا في ضيافة الأردن وانتهى وقت الضيافة”.

ومع بدء سريان الهدنة بدأت العائلات التي نزحت بسبب العدوان في العودة لمواطن سكنهم، على الرغم من تصدي الاحتلال لهم، وكان عدد كبير من العائلات الفلسطينية النازحة في جنوب القطاع قد أعلنوا منذ مساء أمس العودة إلى مدينة غزة، اليوم الساعة ١ بعد صلاة الجمعة، ولا يمكن لاحد أن يرجح نجاح أو فشل أحد هذه المحاولات.

وانطلقت دعوات لاستقبال الأسرى المحررين بصفقة المقاومة الأولى- بالضفة الغربية- بعيداً عن مظاهر الاحتفال، وتحويل استقبالهم لمسيرات شعبية داعمةٍ للمقاومة وغزة.

الشارع الصهيوني

تجرع الاحتلال ذات الكأس التي راح يسقيها لشعب غزة، حيث تتوالي الخسائر في دولته حيث تكبده الحرب تكلفة ٢٧٠ مليون دولار يوميا. وأعلنت صحيفة بلومبرج: أن إسرائيل لا يمكنها تحمل تكلفة الحرب وحدها وأنها ستقسم تكلفتها لتدفع ثلثي التكلفة مقابل أن تدفع الولايات المتحدة الربع المتبقي. وأعلن مركز الإحصاء الإسرائيلي: أن حرب غزة رفعت عدد العاطلين عن العمل في “إسرائيل” ليصل (٤٢٨.٤ ألف) في أكتوبر، بعد أن كان (١٦٣.٦ ألف) في سبتمبر. 

وهو ما يفسر خضوع الاحتلال لشروط المقاومة وتطبيق الهدنة بعد طول مراوغة، حيث قال “أرييه أدرعي” -عضو الطاقم الوزاري المصغر في حكومة الاحتلال: “صدقنا على الإفراج عن ٣٠٠ سجين فلسطيني أملا في إعادة ١٠٠ محتجز، مستعدون لزيادة أيام التهدئة إلى ١٠”.

وعلق الصحفي المختص في الشؤون الأمنية، “يوسي ميلمان”- تعليقًا على الحرب: “في الوقت الذي ينتف فيه رئيس الموساد شعر رأسه في قطر خلال تواجده، يخرج نتنياهو بتصريح يقول فيه، إنه أعطى تعليماته للموساد باغتيال قيادة حماس في كل مكان حول العالم، لقد قلنا بالفعل أن نتنياهو ملك التخريب، وجانتس جالس لا يبدي أي استجابة”. 

وعن رؤية الحرب في الشارع الصهيوني، قال صحيفة “يديعوت أحرونوت”: إن المقاومين في غزة نصبوا سماعات يخرج منها أصوات محادثات لأطفال وفتية، لجلب جنود الاحتلال للكمائن التي جهزتها المقاومة لهم، وقالت وسائل إعلام عبرية: إن الساعات الأخيرة شهدت معارك قاسية مع المقاومة في قطاع غزة، وأعلن جيش الاحتلال ارتفاع أعداد قتلاه ٣٩٢ منذ ٧ أكتوبر منهم ٧٢ منذ بدء العملية البرية. وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال أن رئيس جمعية المعاقين بالجيش قد قال: إنه “منذ ٧ أكتوبر تم الإعتراف بإصابة ١٦٠٠ جندياً بإصابات تركت إعاقات جسدية، منهم ٤٠٠ لا يزالون يتلقون العلاج بالمستشفيات، وسنستقبل آلاف الجنود الآخرين الذين يعانون من صدمة ما بعد القتال”.

وهكذا بدأ الهدنة الإنسانية المؤقتة، وسط عيون متعلقة بها أن تكون طوَّق نجاة لمن يقفون على مشارف الموت في القطاع، بينما تلقي الرعب في قلوب البعض في التفكير فيما يأتي بعدها. فأيهما تكون النجاة أم الرعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى