فن ومنوعاتمقالات

مرثا مرجان تكتب| عائد إلى حيفا.. ما أشبه اليوم بالأمس

أحداث وأيام ثقيلة يعيشها أهل فلسطين بين القصف ومحاولة التهجير القسرى مشاهد تستطيع أن تراها أمام عينيك حاضرة عبر صفحات التواصل الاجتماعى والنشرات الإخبارية.

ولكن هل تعرف أن هناك مصدر آخر تستطيع أن تشاهد فيه هذه الأحداث بين دفات كتاب يحمل نص بعنوان “عائد إلى حيفا”، فهو ليس مجرد نصًا أدبيًا بل هو تجربة حياة عاشها كاتب النص “غسان كنفانى” فهو فلسطينى، سطر الاحتلال قصة حياته كما كتب نهايتها عاش كنفانى حياة التهجير وفارق الحياة مع ابنة شقيقته جراء تفجير سيارته.

“عائد إلى حيفا” اسم يحمل مكنون القصة العودة بدأت أحداثها على الطريق وانتهت فى نفس الطريق تحمل الرواية بين جنباتها قصة رجل وامرأة تم تهجيرهم بشكل قسرى عام 1948 حيث رسم الكاتب مشاهد التهجير التى قام بها الاحتلال بين أصوات المدافع وصراخ النساء والأطفال بين الفقد والألم فى صورة تشبه ما حدث ويحدث الأمس واليوم فى غزة.

لم يبدأ الكاتب روايته كيف رحل سعيد وزوجته من حيفا بل بدأها وهم على طريق العودة إلى حيفا التى تمثل الوطن “فلسطين” ولكن المفاجأة فى رحلة العودة أن هناك أمل عاشوا ما يزيد عن 20 عام ينتظروه وبحثوا عنه بكل الطرق إلى أن تم فتح الحدود من قبل الاحتلال للمواطنين الأصليين فدخلوا لرؤية منازلهم التى تركوها قسرا ولكن الزوجان سعيد وصفية وسط الحنين للوطن كان هناك جرح غائر فى قلوبهم كُشف عنه بعد  أن  قرع الزوجان جرس منزلهما وتذكرا كل ركن حين فتحت لهما السيدة اليهودية التى تم تسكينها فى منزلهما.

وقد دخلا يتأملان كل أركانه ما زالت صورة مسجد الأقصى على الحائط وبعض قطع الأساس التى تخصهما موجودة كما هى، أما المفاجأة عندما أخبرتهما السيدة اليهودية وقد قالوا لها أنهما يبحثان عن شئ أهم من المنزل، ففاجأتهم.. هل تبحثان عن “دوف” فهو يشبهك كثيرًا.

 لتسقط الكلمات بصدمة كبيرة عليهما، فقد تركا ابنهما الصغير صاحب الستة أشهر وسط هجمات القصف ودفع المواطنين نحو الميناء ليستقلوا إحدى المراكب إلى بلاد يعيشون فيها كبديل.

همهم الوالدان “خلدون” ظنا أنهما وجدا ضالتهما ولكن عندما عاد خلدون أو دوف مرتديًا زى ضابط إسرائيلى تبخر الحلم وصدما من جديد، بعد حديثه لماذا جئتما لا اعرفكم لا أعرف إلا هذه الأم عشت يهوديا والآن أخدم قضيتي..

تبكى صفية ويتألم سعيد الذي ظل ينتظر “خلدون” ما يزيد عن 20 عام والآن شعر أنه  فقده إلى الأبد، تذكر حينها “خالد” الابن الذى انجبه بعد التهجير أطلق عليه هذا الاسم أملًا أن يجد خلدون، بعد جدال طويل عرف سعيد أن الأمل هو خالد فخلدون شوه الاحتلال وجدانه وقرر أن يغادر هو وصفية على أمل العودة من جديد ولكن برفقة خالد الذى لم يعيش فى هذا الوطن لكنه يحلم بالدفاع عنه لأنه ظل فى وجدانه أما خلدون أو دوف بعد اللقاء أصبح منقسم على ذاته لا يعرف أى قضية يخدم.

غادر سعيد وصفية ولكن كان داخلهم قوة حقيقية فالوطن ليس أطلال يُبكى عليها بل قضية يجب الدفاع عنها لأنها لن تموت.

مرثا مرجان

رئيس قسم الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى