تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

أطفال غزة بين الجراح والموت.. جرائم تبحث عن إدانة

مع تفاقم الأوضاع وتكثيف العدوان على غزة، يكون أطفال القطاع هم بنك أهداف غارات الاحتلال وقواته، ليتركهم بين شهيد ويتيم وجريح وخائف ونازح ومختطف. ومن هنا جاءت القصص المأساوية حيث يتعرض أكثر من 900 ألف طفل في مراكز الإيواء لمخاطر البرد الشديد والجفاف وسوء التغذية والأمراض التنفسية والجلدية المعدية والاضطرابات النفسية، وقارب عدد الشهداء من الأطفال على كسر حاجز ١٠ آلاف طفل بينهم أطفال رضع وأطفال خدج، خلاف المفقودين الذين لم يتأكد مصيرهم بعد…!

فهاك “جهاد خالد أبو عامر” طفل لم يبلغ بعد ثلاث سنوات، ومثله بالطبع لا يجيد استخدام السلاح أو إطلاق الصواريخ، حيث ولد خلال معركة “سيف القدس”- مايو ٢٠٢١- واستشهد في معركة طوفان الأقصى، فلم يعطه طيران الاحتلال الفرصة لينمو ويقرر طريقه، فاستهدف برج الصالحي المتواجد بمخيم النصيرات، ما أدى لسقوط سقف الغرفة عليه ليهشم رأسه قبل أن تخنقه أكوام الركام التي نزلت عليه.

ومع النزوح والقصف استقبلت بعض العائلات الفلسطينية أطفال فقدوا عائلاتهم أو تفرقوا عنهم، من بينهم طفل استضافته عائلة فلسطينية في قطاع غزة صغير جدا لا يعرف مسكنه أو أقاربه وكل ما يعرفه أنه ‏من عائلة مطر.. وكل ما قاله عن عائلته: “الدبابة دهست بابا وطخوا ماما“.

وعن الإصابات وعدم توفر العلاج، كانت قصة الشقيقان “آسر” و”أنس”، الذين استشهد والداهما وأشقائهما ومعظم عائلتهم في قصف استهدف منزلهم، ولم يتبق لهم سوى جدتهم وآلام الإصابات التي طالتهم، فقد بترت قدم “أسر” كما كست الخرق والإصابات من الشظايا جسده، بينما عانى “أتس من حروف بدرجات متفاوتة، دون أن يكون لهم سوى تلك الجدة الاي تراعاهما بينما تحتاج إصاباتهما للعلاج بالخارج.

أما “أميرة القرا” فهي طفلة لم تكمل ٥ سنوات، استشهد والديها وإخوتها ولم يتبق لها كفيل غير الله، على الرغم من أن سنها يبتعد بها تماما عن أكذوبة تهديد أمن الاحتلال بحمل السلاح أو إطلاق الصواريخ.

وبإصابة شظية دخلت من بطن الطفل “معاذ الحاج” وخرجت من ظهره لتقطع الحبل الشوكي، فترقده على ظهره في المستشفى مصابا بالشلل النصفي، وقد استنفذ النظام الصحي في غزة كل التدخلات التي يمكن إجراءها معه، فلم يعد ثمة أمل لإنقاذه ولو حتى بنسبة ١% سوى أن يسافر للخارج للعلاج- حسب حديث والدته التي أطلقت مناشدة للسماح له بالسفر للعلاج في الخارج كي يعود للمشي على قدميه.

ولخص مأساة الحرب والنزوح أحد أطفال مخيم البريج- الذين نزحوا بفعل هجمات الاحتلال وقواته البرية على المخيم، فقال: “كله كل حياتنا حروب نفسنا نتعلم شوي ونضحك ونلعب ونعيش حياة حلوة بس فيش شي، اشتقنا للمدرسة وللحياة وكل حاجة، وين نروح بنتعذب أما نعوز إشي”، وقص الطفل معاناتهم في التنقل بحثا عن مأوى للنزوح، وتحدث عن اشتياقه للتعليم فقال:”نفسي أتعلم وأرجع للمدرسة وأكبر وأصير دكتور”.

وفي جريمة حرب جديدة كشف عنها أحد جنود الاحتلال أول الأسبوع، اختطف أحد جنود الاحتلال طفلة رضيعة بعد أن قتلوا عائلتها، وأودعها مستشفى لدى الكيان المحتل، قبل أن يعود لمواصلة المعركة فيموت فيها دون أن يكشف عن مكان الطفلة أو هويتها أو المكان الذي اختطفها منه. وهو ما استنكرت وزارة الخارجية الفلسطينية واصفة ذلك بأنه “دليل على ارتكاب جيش الاحتلال أبشع الجرائم بحق المدنيين دون رقابة أو محاسبة”، وطالبت سلطات الاحتلال بتسليم الطفلة فوراً للسلطة الوطنية الفلسطينية برام الله.

وفي إطار تلك الجريمة كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: أن تلك الطفلة المخطفة ليست الحالة الوحيدة التي تتعرض للاختطاف، وطالب الاحتلال بالكشف عن مصير أطفال نقلتهم قسرًا أو اختطفهم جنودها من قطاع غزة وتسليمهم إلى ذويهم، وقال المرصد في بيان: ننظر بخطورة بالغة إلى ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية عن خطف ضابط إسرائيلي رضيعة فلسطينية من القطاع بعد قتل عائلتها.

وأكد المرصد في إطار استمرار جرائم الاحتلال ضد الأطفال: أن مئات العائلات في القطاع أبلغت عن فقدان أطفالها ومن الصعب التحقق من مصيرهم بسبب استمرار التوغل الإسرائيلي وصعوبة إزالة الركام وتعذر الاتصالات والإنترنت وتشتت العائلات بسبب النزوح القسري.

ذاك حال أطفال غزة، الذين اتخذ الاحتلال قراره بحرمانهم من أبسط الحقوق “حق الحياة”، بينما يبرر الغرب تلك الجرائم بآلاف المبررات التي تأتي قوة دافعة له لإكمال الجرائم، دون أن تتحرك تلك الهيئات والمؤسسات التي نصبت نفسها مدافعا عن حقوق الطفل لإيقاف تلك الجرائم وبفضل الفيتو الأمريكي اكتفت من ذلك بالشجب والرفض والإعراب عن القلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى