مقالات

محمد الخاقاني يكتب/ انفجار لبنان وحدود اللعبة الجديدة

هز انفجار هائل العاصمة اللبنانية بيروت في الرابع من آب أغسطس 2020 أسفر عن خسائر بشرية تجاوزت المئات من الأشخاص وآلاف الجرحى فضلا عن أضرار مادية جسيمة، الأمر الذي دفع البعض في ربط حدوث ذلك الانفجار مع متغيرات ومعطيات كانت قد حدثت على أرض الواقع كالتفجيرات الأخيرة في إيران في منشأة نطنز النووية وكذلك في سوريا وبالتالي بحث أسباب انفجار لبنان والجهات التي تقف وراءه.

إن انفجار لبنان لا يرجع لعوامل الصدفة في حدوثه، فكما هو معلوم بأن شحنات نترات الأمونيوم المسببة له قد كدست في مخازن المرفأ منذ سنوات وهي مواد شديدة الخطورة والتدمير وبالتالي إن تخزين ما يقارب 2750 طنا منها قد أسهم في تدمير البنية التحتية لمرفأ لبنان الحيوي وذات الأهمية الإستراتيجية كونه يعد مخزنا لأهم السلع الإستراتيجية التي تستوردها الحكومة اللبنانية مثل القمح والوقود وعن طريقه تتم أكثر من 70٪من حركة التبادل التجاري بين لبنان وبقية دول العالم، وبفعل الانفجار الهائل الذي حدث في المرفأ فقد تعرضت المخزونات الإستراتيجية إلى الدمار وبذلك تفقد الحكومة اللبنانية قدرتها على توفير المستلزمات الضرورية للشعب اللبناني الذي يعاني من أسوء أزمة اقتصادية تواجهه منذ نشوء كيانه السياسي، فمنذ تشرين الأول أكتوبر 2019 تشهد لبنان انتفاضة شعبية لتغيير الواقع الذي تعيشه أغلب فئات الشعب اللبناني بسبب فساد الفئة السياسية المتحكمة بالقرار السياسي والاقتصادي، وهذا أدى إلى تضخم غير مسبوق وارتفاع في أسعار السلع لأكثر من ثلاثة أضعافها وانخفاض في سعر صرف الليرة اللبنانية قياسا بالدولار الأمريكي وخسارة آلاف اللبنانيين لوظائفهم نتيجة هذا الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشونه وفقدان قدرتهم على مواجهة تداعيات الانفجار الاقتصادي، ليضيف الانفجار في مرفأ بيروت حملا آخرا لا تستطيع تلك الفئات المحرومة من تحمله، لذا يوصف هذا الانفجار من حيث القدرة التدميرية بأنه مشابه لقوة القنبلة النووية التي ألقيت على مدينة هيروشيما ونازاكي اليابانيتين في عام 1945، ولذا فإن خسارة لبنان اكبر من ان توصف، وإن خسارتهم الأكبر هي في عدد القتلى والمصابين جراء الانفجار فضلا عن تدمير الكثير من البنايات وامتداد آثارها إلى أنحاء كثيرة من العاصمة بيروت.

إن هذا الانفجار ربما يقودنا إلى فاعل واحد أو أكثر وهو المستفيد الأكبر من محاولة خلط الأوراق من جديد في منطقة ملتهبة مثل الشرق الأوسط وربما تؤسس لمعادلات سياسية جديدة ورسم خرائط نفوذ ووجود جديدة بفعل تدهور الأوضاع سواء الأمنية والاقتصادية والسياسية في بعض البلدان التي تتعرض بين حين وآخر إلى هزات سياسية ونقصد بها دول إيران وسوريا ولبنان ممن يطلق عليهم محور المقاومة، وتزامنت تلك المعطيات على أرض الواقع مع تفعيل قانون قيصر من قبل الولايات المتحدة وبالتالي نجد أن ذلك الأمر لا يعدو كونه حلقة من مسلسل تضييق الخناق على إيران، وقد تكون تلك الأفعال لا تخطئ عين المتابع والمراقب لمجريات الأمور في المنطقة ومحاولة تقليل النفوذ الإيراني فيها وعليه لا نستبعد وقوف دول مستفيدة من زعزعة الاستقرار في تلك الدول مثل إسرائيل التي تشير التوقعات إلى احتمالية قيامها بذلك الانفجار وخلط الأوراق في المنطقة وتداخل اللاعبين داخل حدود الدولة اللبنانية ومحاولة جرها لحرب جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى