مقالات

محمد كامل العيادي: الأناكوندا و المامبا السوداء!

رغم كل الخلافات التي تدور بين إيران وأمريكا، وشماعة السلاح النووي التي تسعى إيران إلى امتلاكه، إلا أنها لا تعدو كونها مسكنات للعالم؛ وذلك لإعطاء الشيعة فرصة التمدد في المنطقة، وهذا ظهر جلياً في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن والسعودية وباقي الدول العربية، وذلك للهيمنة الأمريكية على المنطفة بحجة تحجيم إيران وتمددها، والحفاظ على الأمن الإقليمي، وفي الحقيقة أن إيران لا يقل خطرها عن خطر دولة بني صهيون.
وهنا أحب أن أفرق بين اليهود والصهاينة، فاليهودية شريعة سماوية تلتزم بالعادات وتقاليد ثقافتها، كالإيمان بإله واحد، وأما الصهيونية فهي حركة سياسية وقومية تعمل على إقامة وطن لليهود في فلسطين، وهذا المطلب ضرورة دينية لديهم، لذلك وافقت الأمم المتحدة على إعلان دولة إسرائيل عام 1948م.

وستظل منطقة الشرق الأوسط، منظقة نزاع، للسيطرة عليها بعدم إعطائها فرصة النمو الاقتصادي فيها، وعدم الإستقرار السياسي، والحرص على جعلها منطقة استهلاكية على طول الأمد، لما لا وهي يُبنى عليها اقتصاد كثير من الدول الأوروبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتربح منها بسبب الحروب القائمة فيها، والتي على أثرها تتم صفقات السلاح، وهذه استراتيجية تم الاتفاق عليها مع دول حلف الناتو ودول أخرى والولايات المتحدة الأمريكية، التي تتبنى خلخلة أمن منطقة الشرق الأوسط، وزيادة الاضطراب فيها بآياد إيرانية، عن طريق أذرعها العسكرية؛ مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن بضرباتها المتكررة لسفن نقل البضائع المارة من خليج عدن وجنوب البحر الأحمر، لنقل الطريق الملاحي عبر رأس الرجاء الصالح، الذي حل محله قناة السويس بعد افتتاحها عام 1869م.

ومما لا شك فيه أن إيران ساعدت على خسارة المنطقة وعلى رأسها مصر، وذلك بتحويل المسار الملاحي إلى رأس الرجاء الصالح، بعد أن كان يمر عبرها ثلث تجارة العالم السلعية، وأكثر من 12% من تجارة النفط المنقولة بحراً، وما يقارب من الـ8% من تجارة الغاز المُسال، وأكثر من 10% من تجارة الحبوب مثل القمح، مع زيادة الحصيلة المادية لأمريكا، وذلك بإرتفاع نسبة الطلب على سفن النقل، مما ترتب عليه زيادة نسبة التأمين، لأجل تعويض زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا، حسب تصرح بذلك وزير الدفاع البريطاني “غرانت شابس”.

ومن المعلوم أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مستورد للغاز المُسال في العالم، لذلك عمل على تنويع مصادر إمداداته بعيداً عن روسيا، فقام بعمل خطة لإنشاء عدد كبير من محطات الاستقبال للغاز المسال، ومُعالجته للدخول في الشبكة التابعة لأنابيب الغاز الأوروبية، وعليه تم إضافة نحو ست محطات منذ عام 2022م، ووضع خطة لاستيعاب 400 مليار متر مكعب من الغاز المُسال سنوياً حتى عام 2030م، بزيادة 25%، أكثر من كمية الواردات قبل الحرب الروسية الأوكرانية، وقبل العقوبات المفروضة من الدول الأوروبية على روسيا كانت نسبة الاستحواذ الروسية من واردات الغاز الطبيعي 45%، وهذا بكل تأكيد يصب في مصلحة الكيان الصهوني، ببناء ممر اقتصادي يمر عبر إسرائيل من الهند إلى البحر المتوسط، وهذا سيكون ضد مصلحة الصين التي يعمل على حصارها جيوقتصادياً، وذلك بإغلاق المدخل الجنوبي للبحر الأحمر على المنطقة الممتدة من شمال المحيط الهندي إلى جنوب البحر الأحمر، مما يهدد سلامة مرور السفن التجارية للصين، وكذلك تتضرر باكستان، وأفغانستان،.

العالم ظهرت في أجوائه علامات للحرب العالمية الثالثة منذ فترة تولي” ترمب” رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أعلن انسحاب أمريكا المنفرد من الاتفاق النووي، وكذلك قرار تصفية “قاسم سليماني”، مما أجج الصراع الأمريكي الإيراني “الصراع المصطنع”، وما هو إلا صراع -فقط- لإتاحة الفرصة للقطب الأوحد الاستيلاء على مقدرات العالم، وحرمان الصين وروسيا من أي مكتسبات في المنطقة، وطبعاً العالم العربي يكتفي بانتظار نتائج ذلك الصراع الكاذب، في سياسة العصا والجزرة بين أمريكا وإيران، والذي سيبطله الله من عنده، ويكفي المؤمنين شر القتال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى