مقالات
أخر الأخبار

احذروا الذنوب والمعاصي والفتن

قلم وصوت ومحام آل البيت
كاتب ومؤرخ إسلامي
عبدالرحيم حماد الشريف

احذروا الذنوب والمعاصي والفتن

احذروا التقليد الأعمى والبعد عن الله والشرع الحنيف

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بعبادتك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

الحمد لله الذي من اعتصم بحبلِه وفقه وهداه, ومن اعتمد عليه حفِظه ووقاه، أحمَده سبحانه وأشكره، وأُثني عليه وأستغفِره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ولا نعبد إلاّ إياه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبِه التابعين، ومن سارَ على نهجِه وهداه، وسلّم تسليما كثيرا.

إن شريعة الإسلام كما جاءت بالسيف والرّمح فقد جاءت بالرّفق والنّصح، وكما جاءت بمنازلةِ العدوّ فقد جاءت بالصّبر على بلائه والكفِّ عن إيذائه، ليس لذاتِه ولا كرامة، بل لمصلحة الإسلام والمسلمين، في مواطن تُعمَل فيها الأدلة ويعرِفها الراسخون في العلم.

أيها الناس: في الأعصار المتأخرة من تاريخ أمّتنا وقبل بضعةِ عقود كانت الأمّة في مجملها تعيش غفوة في دينها وإعراضا عن قرآنها وسنّة نبيها وانقطاعًا من تاريخها.

لقد كان المسلم المستقيم على دينه في أكثرِ ديار المسلمين يعيش غربة في وطنِه ووحشة بين أبناء جلدتِه لغربة الدين، وذلك في ظلِّ الهزيمة الشّاملة للمسلمين أمام الاستعمار، والذي لم يكنِ الاحتلال العسكري أخطرَ أسلحته، بل الفكري والثقافي، ومحاولة إقناعِ المسلمين بأن الإسلامَ قد انتهى عصره، وأن التغريب هو حتمية التاريخ، وانخدع بذلك بعض أبناء المسلمين، فيمَّموا فكرَهم ومنهجهم جهة الشرق والغرب حتى تطبعت بعض ديار المسلمين وانطبع أهلها على نظام حياةٍ بعيد عن الإسلام.

إنني لا أريد أن أتكلم عن أشراط الساعة ولا علاماتها، ولكنني أذكر نفسي وإخواني بأثر الذنوب المعاصي وضررها؛ فإن الذنوب والمعاصي تضر ولابد، وضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان، وقد قال بعض الصالحين: “ليس في الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه المعاصي والذنوب”. وصدق رحمه الله؛ فإن أثر الذنوب والمعاصي يشمل الصالح والطالح، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر، كل بحسبه وبحسب ما يقارف.

وإلا.. فقل لي بالله عليك
ما الذي أخرج الأبوين من الجنة دار النعيم والبقاء، إلى دار البلاء والشقاء؟

إنها المعصية… قال تعالى: {وعصى آدم ربه فغوى}
يــا نـاظــرا يرنـــوا بعــيني راقــــد .. .. ومشــاهدا للأمر غير مشاهد

تصل الذنوب على الذنوب وترتجي .. .. درج الجنان ونيل فوز العابد
ونســـيـت أن اللـه أخــــرج آدمــــــا .. .. منها إلى الدنيــا بذنب واحـد

وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه، فجعل صورته أقبح صوره وأبشع، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وأبدله بالقرب بعدًا وبالجمال قبحًا، وبالإيمان كفرا وبالجنة نارًا تلظى؟!

وما الذي أغرق أهل الأرض في عهد نوح حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال، ولم ينج إلا أهل الإيمان؟ إنها الذنوب والمعاصي. قال تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا}.

وما الذي سلط على عاد الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، فكانت تحمل الناس إلى السماء ثم تلقي بهم إلى الأرض، فيموتوا ويتمددوا على الأرض كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية، فما ترى لهم من باقية؟

{وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}(هود:59، 60)

وما الذي أرسل على ثمود الصيحة فقطعت قلوبهم وماتوا عن آخرهم في لحظة واحدة؟

وما الذي رفع قرى اللوطية إلى السماء حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم وثغاء حيواناتهم، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضودٍ مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد؟

وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقل أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق والأرواح للحرق؟

فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ}(الزخرف:54، 56)، {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}(الدخان:29).

وما الذي سلط على بني إسرائيل أنواع العقوبات، مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد، ومرة بجور الملوك والسلطان، ومرة بمسخهم قردة وخنازير؟

وما الذي أهان أمة الإسلام بعد عزة، وأذلها بعد رفعة، وفرقها بعد وحدة، وسلط عليها أبناء القردة والخنازير وعباد العجل، وسلط عليها أهل الفجور والفساد والفسق والظلم، وحتى عباد البقر، والحجر، وعباد الشجر وعباد البشر.. فساموها الخسف، وأذاقوها سوء العذاب؟ فقتلوا أبناءها، واستحيوا نساءها، وهتكوا أعراضها، وشردونا وأخرجونا من ديارنا، وأذلونا وأهانونا حتى صرنا نعطي الجزية عن يد ونحن صاغرون، وصرنا نتقرب إليهم بحرب الإسلام، والتضييق على المسلمين والعلماء والدعاة والمخلصين، والتضييق على المساجد، وبناء دور الشرك من الكنائس والمعابد، وتغيير المناهج، ومحاربة القيم والمبادئ، والدعوة إلى التحرر والتفلت، واستجلاب المغنين والمغنيات والفاسقين والفاسقات، وإقامة المهرجانات والحفلات، ونشر الفواحش والموبقات..
كل هذا لإرضاء الله؟!!..
كلا ورب الكعبة.. بل إرضاء لملك الروم، وتقربا واستعطافا وتزلفا لملوك الكفر..

فمن أين أتتنا هذه الذلة وهذا الهوان؟

إنها كلمة واحدة والله .. .. إنها المعاصي..
تركنا أمر الله، ودين الله، وطاعة الله.. وعملنا بما لا يرضي الله، بل بما يغضب الله.. فضرت علينا الذلة، وأصابنا الهوان.. وما ذلك كله إلا من عندنأنفسنا، وبما كسبت أيدينا.. وهل يفلح قوم عصوا الله؟
قال ابن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب .. .. وقد يورث الذل إدمانها

روى الإمام أحمد عن جبير بن نفير قال: “لما فتحت قبرص ففرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره.. بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى”.

فانظر كيف فعلت بهم المعاصي، بل انظر كيف فعلوا بأنفسهم بعصيانهم لربهم، وقارن بين حالنا وحالهم.
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}(الشورى: 30).
وقال سبحانه: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}(فاطر: 45).

إذا أردت النجاة..إذا أردت الله والحشر في زمرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المخلصين والنبيين والمرسلين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا

إذا أردت أن تنجو من هول هذا اليوم العظيم فاسطر في كتابك ما تحب أن تلقاه عند الله تبارك وتعالى.

إذا أردت أن تنجو من هول هذا اليوم العظيم فانتبه لما تفعله وتقوله وتعمله في هذه الحياة فإنك لن تعدو كتابك ولن تحاسب إلا على ما اقترفته يداك، واكتسبه قلبك وجوارحك.. (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[التحريم:7].

نسأل الله أن ينجينا من كربات يوم القيامة، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ويجعلنا من الفائزين.

فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من أهل الحكمة القائلين بالحق الثابتين في الفتن الصامدين أمام الأعداء والمنافقين عن دين الله، وأن يرزقنا الشهادة في سبيله، إنه سميع مجيب قريب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته،
اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدين وأغننا من الفقر
اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها،اللهم إني أسألك العافية.

أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.

أعوذ بكلمات الله التامات، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وبرأ ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق يطرق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن.

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه

فاللهم ردنا إلى دينك مردا جميلا، وخذ بنواصينا أخذ الكرام عليك، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى