محافظاتمقالات

فكر مع الحكومة ج4)  تطوير منظومة الصحة بـ 10 جنيه

تكاد العين لا تخطئ ما بات يعاني منه الاقتصاد المصري مؤخراً، وبالتبعية ما يعانيه المواطن من ارتفاع في الأسعار، وكلها أمور استوجبت أن تتخذ الدولة العديد من التحركات والقرارات، منها ما استحسنه المواطن ومنها ما أضاف حملاً إضافياً إلى كاهل الأسرة المصرية بالفعل.

قد يقول البعض بأن سياسات الحكومة هي ما أدت إلى تفاقم الأوضاع لتصل إلى ما نحن عليه حالياً، وقد يلقي آخر على سياسات الإنفاق جزءاً من اللوم، وقد يهرف أحدهم بما لا يعرف والكل “يفتي” دائماً في ميدان المال العام.

أياً كان سبب ما آلت إليه الأمور، ومن خلال هذا الباب وتحت عنوان “فكر مع الحكومة” نسعى لتقديم جزء يسير من حلول كثيرة من خلال مقالات متعددة، لبعض الأمور التي ترهق الميزانية العامة، أو تلك التي من شأنها أن تمدها بحلول آنية أو استراتيجية، ومن خلال السطور التالية نسعى إلى تقديم حلاً، بمثابة لبنة في بناء تطوير منظومة الصحة ككل، ونخاطب هنا شخص السادة رئيس الحكومة ووزير الصحة كل وفق مسؤوليته.

الفارق بين منظومة الصحة في أي من الدول المتطورة، وغيرها من الدول الأقل تطوراً أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث، هو حجم الإنفاق على الصحة وحصتها من الموازنة العامة للدولة، الأمر الذي يتوقف عليها تحديث منشآت وأجهزة وتقديم رواتب مجزية، بشكل يجعل القطاع الصحي جاذباً وليس طارداً للكفاءات والكوادر المهنية.

بالنظر إلى قطاع الصحة وبالرغم من مساعي الحكومات المتعاقبة إلى تطويره، إلا أن ذلك التطوير لا يكاد يواكب الزيادة السكانية والحاجة المستمرة إلى التطوير والتحديث، بما يتناسب مع قفزات تطوير منظومة الصحة عالمياً، وكوننا نتفق ولا نختلف عزيزي القارئ على أننا بصدد أزمة مالية حقيقية، وجب علينا أن نبعث الحلول من رفات الأزمة نفسها، وأن نطفئ النار برماد النار، فلسان حال الحكومة يقول “ليس بالإمكان أفضل مما كان”، وعليه فلابد أن يكون هناك إعادة نظر وبشكل عاجل وهام وضروري لإعادة تسعير “تذكرة دخول المستشفى” أو قيمة الكشف بالمستشفيات العامة من جنيه واحد إلى عشرة جنيهات على الأقل، فيصبح دخل وزارة الصحة عشرة أضعاف، تخصص جميعها لتطوير منظومة الصحة وتحسين نوعية الخدمة الطبية.

قد يحمر وجه “أبو العريف” ويمتعض قائلاً “هي الناس ناقصة”، دون أن يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق عن مآلات الأمور وحيثيات الفكرة وفقه الجدال بعلم وليس الجدال بالعاطفة فقط.

سعر تذكرة الكشف بالمستشفيات الحكومية “جنيه واحد فقط”، شامل الخدمة العلاجية “التطبيب” والعلاج وغير ذلك، وهي ليست تذكرة مترو أو أتوبيس، أي أن المواطن العادي لا يحتاج إليها بشكل يومي، كما أن تعديل السعر من جنيه إلى عشرة جنيهات مقابل “كشف وعلاج” أمر ما زال مقبولاً بل ومقبولاً جداً.

مستشفيات الريف ووحداته الصحية على وجه الخصوص بمثابة نافذة للحصول على بعض الأدوية المجانية، أكثر منها وجهة استشفاء، فسعر الكشف المتدني يجعل ربة المنزل تزور المستشفى للحصول على شريط مضاد حيوي “ربما تحتاجه” أو مضاد للفطريات “له عوزه” أو زجاجة كحة “تحسباً لبكره”، حتى أن البعض يقوم بشراء خمسة تذاكر ويطلب من الطبيب ما يحتاجه أو يريد اقتناءه، وهم على دراية بأن كل “تذكرة” لها الحق في “ثلاثة أصناف دوائية”، أي أنه يتسوق ما يشتهي من الأدوية المتاحة والمتوفرة بصيدلية المستشفى، ولسان حاله “حقي وبفلوسي”، في الوقت الذي تشتري فيه الطواقم الطبية بعض المستلزمات من جيبهم الخاص، بل وتدفع رواتب شهرية للعمالة غير المنتظمة بالوحدات الصحية.

لا تتعجب سيدي مما تقرأ، فهي حقائق وأمر واقع وليست من خيالات الكاتب او بنات أفكاره، ولسنا هنا بصدد إلقاء اللوم على بعضنا البعض أو تقليل دور أحدهم، فالكل مهموم بالخروج من واقع إلى واقع أفضل يليق بمصر والمواطن المصري، بل نستعرض ونبحث لها عن علاج، ونتناول سبل تقليل الفجوة بين المتاح وما يستحقه المواطن من مقومات الحياة الكريمة.

ما نطرحه من أمور تحت مسمى “فكر مع الحكومة” ليست وقائع للنقد، بل للرصد ومحاولة إيجاد حلول تطويرية، ومن هنا فموضوع الصحة بالمستشفيات والوحدات الحكومية أمر بإمكانه أن يسهم بشكل كبير في دعم منظومة الصحة، وفق ما طرحناه من حل بسيط، وهو تعديل سعر “تذكرة الكشف” من جنيه واحد لعشرة جنيهات، ولا نقول خمسون جنيها، فعشرة جنيهات ليست بالأمر المرهق مادياً مقابل خدمة طبية وأدوية، في الوقت ذاته جنيهاً واحداً بمثابة إرهاقاً لميزانية الدولة، غير أن ذلك بمثابة إغلاق باب من أبواب الاستيلاء على المال العام بغير وجه حق أو ضرورة.

نلقاكم في قعدة عرب أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى