حوادث

ما حكم من يستخدم البشعة؟.. الإفتاء والقانون يجيبان

انتشرت في الآونة الأخيرة عبر المسلسلات ومنصات السوشيال ميديا وصفحات التواصل الاجتماعي فيديوهات كثيرة تتعلق ب”البشعة”، وظهرت ايضاً خلال أولى جلسات محاكمة سائق أوبر المتهم بمحاولة خطف حبيبة الشماع “فتاة الشروق”، حيث قال للمحكمة مستعد أعمل البشعة عشان تظهر براءتي قدام الناس، وأنكر التهم الموجهة إليه، فما هي البشعة؟ وكيف يتم إجراءها؟ وما حكم من يستخدم البشعة؟

أصول البشعة ومعناها 

ترجع أصول “البشعة” إلى المجتمع البدوي، في الحجاز وشبه الجزيرة العربية، وهي معروفة بشكل خاص في محافظات سيناء والإسماعيلية والشرقية كوسيلة للتحكيم العرفي بين المتخاصمين، وفيها يستخدم “المبشع” أو المحكم النار للفصل في أمر يختلف عليه طرفان أو إثبات صدق أو كذب شخص ما، حيث يتوجب عليه أن يلعق بلسانه قطعة من المعدن المحمي في النار، ويعتقد أنه إذا كان صادقًا فلن تؤثر فيه النار وإن كان كاذبًا سيكوي المعدن لسانه. وأطلق عليها اسم البشعة لبشاعة الموقف الذي يقف فيه المتهم وصعوبته.

وتم ذكر البشعة في العديد من الكتب التراثية، من بينها كتاب عشائر الشام لأحمد وصفي زكريا الذي قال إنهم كانوا قديمًا عندما تنفد جميع الأدلة الثبوتية لإظهار المجرم، يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه (المبشع) وهذا الرجل يأتي بقضيب عريض من الحديد ويحميه بالنار بحضور المدعي أو وكيله حتى يبلغ أقصى حد من الحرارة ويمسح به لسان المتهم بكل سرعه ولباقة، ثم يناوله في الحال شربة ماء ، فإذا حصل ضرر في لسانه أعلن المبشع أن لاحس النار مجرم، وإن لم يحصل ضرر يعلن براءته. أما إذا غاب المتهم عن البشعة أو رفض الحضور فإنه يعتبر مذنبًا.

إجراءات جلسة البشعة 

وقبل بدء جلسة البشعة ينبغي على كل من طرفي النزاع أن يعين كفيلاً عنه يلزم الطرفين بالحقوق المترتبة على ثبات التهمة على المدعي عليه أو نفيها، على أن تكون حلولاً سلمية، كأن يقبل المدعي الدية في حالة ثبوت تهمة القتل.

وقبل أن يلعق المتهم البشعة ينبغي عليه أن يخرج لسانه للحضور كي يتأكدوا أنه لم يضع شيئًا على لسانه لحمايته، ثم يمد إليه المبشع “محماس” البن الذي تم تسخينه في النار ويلعقه 3 مرات وبعد ذلك يقدم له المبشع قليل من الماء ليتمضمن به ثم يخرج لسانه ليراه الناس ويلاحظوا ما إن ظهر أي أثر للنار عليه وإلا فيكون بريئًا.

حكم الشرع في البشعة 

أما عن رأي الشرع في البشعة فقد سبق وأوضحته دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، وقالت دار الإفتاء: “البشعة ليس لا أصل في الشرع”، في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ، وإنَّمَا يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مُستَهْدِينَ بنحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى واليَمِينُ على مَن أَنكَرَ» رواه الدارقطني.

حكم القانون في البشعة

تواصل «اليوم الأخباري» مع المستشار القانوني محمود عباس المحامِ بالاستئناف لمعرفة ما هو رأى القانون في هذا الشأن.

قال عباس من المتعارف عليه بالمناطق القبلية والقروية أنه يتم الفصل في المنازعات عن طريق الأعراف القبلية التي لها في كثير من الأحيان قوة القانون، ويمثل شيخ القبيلة أو من يقوم مقامه دور القاضي وترتبط قوة قراره بقوة شخصيته، ومن القوانين العرفية السائدة هي البشعة التي اعتبرت في فترة من فترات الزمن إحدى الوسائل التي يتم بموجبها إبراء الذمم والتبرئة من التهم.

وتابع المحامِ، من حيث المسائلة القانونية، نجد أن أرقام مدونة على الحوائط للجوء إلى البشعة، ومن يذهب للإبلاغ عن أصحاب الأرقام للقيام بأعمال البشعة، ونرد على ذلك بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون، كما  أنه لا يوجد قانون يمنع الجلسات العرفية، والبشعة تعد جزءً منها، كما لا يجوز له أن يبلغ عن الضرر الذي أصابه نظراً لوجود (إقرار موقع منه) يعفيني من المسئولية.

وكانت توفيت حبيبة الشماع في 14 مارس الماضي متأثرة بإصابتها بعد قفزها من سيارة سائق أوبر، وقضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، بمعاقبة سائق أوبر المتهم بمحاولة خطف حبيبة الشماع “فتاة الشروق”، بالسجن المشدد 15 سنة وغرامة 50 ألف جنيه، وإلغاء رخصة القيادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى