عرب وعالممقالات

سياسة ناقص ضلع!

بقلم عبد الستار حتيتة

يقال لدى البعض إن سياسة أي دولة تتكون من أربعة أضلاع. ثلاثة تخص الوضع الداخلي، والرابع يخص إدارة ملفات الخارج. فماذا يحدث في اليمن؟ وبالتحديد: ماذا يجري داخل مجلس الرئاسة في هذا البلد الغارق في الحروب منذ سنوات؟

أولاً.. هل تعلم أن مجلس الرئاسة اليمني – المدعوم من بضعة دول عربية معادية لجماعة الإخوان – يتكون من فصائل يمنية منها حزب الإصلاح اليمني التابع لجماعة الإخوان نفسها؟! ويقوم المجلس الرئاسي عموما بمحاربة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.  

ثانياً.. يوجد في مجلس الرئاسة اليمني خصمان من الصعب أن يلتقيا، هما الانفصاليون الجنوبيون، وحزب الإصلاح. المشكلة أنه يوجد داخل التحالف العربي المؤيد للمجلس الرئاسي، طرف يناصر الجنوبيين، ويكره الإخوان، وطرف يناصر الإخوان ويكره الجنوبيين. والمستفيد من هذه الخلافات، وما يتبعها من ضربات تحت الحزام، داخل الجبهة التي تحارب الحوثيين، هم الحوثيون وإيران!       

يعتمد الانفصاليون الجنوبيون في اليمن، على لواء اسمه “لواء العمالقة”. وهم يحظون بدعم كبير من جانب بعض دول التحالف العربي (خاصة تلك التي لها علاقة بإيران)، ومن بعض الدول الأجنبية أيضاً، مثل بريطانيا. وكذلك يحظى حزب الإصلاح (الإخواني) على دعم من دول عربية (على عداء مع إيران)، ومن بعض الدول الأجنبية، ومنها، يا للعب المكشوف، بريطانيا كذلك!  

ثالثاً.. المقصود بأضلاع السياسة. الثلاثة الأولى هي ضلع الشعب، والثاني، السلاح، والثالث المال. وهذه من النظريات الثابتة التي تكشف واقع أي نظام سياسي، ومشروعيته. وهذا حديث شرحه يطول. أما الضلع الرابع، الذي يخص ملفات الخارج، فهو بيت القصيد هنا، لأن ما يجري من خلافات بين الأطراف الرئيسية في المجلس الرئاسي اليمني، يكشف، على ما يظهر، وجود تنافس داخل التحالف العربي. تنافس خطير يعطل القدرة على هزيمة الحلف الحوثي الإيراني.

الضلع الرابع يحتاج إلى يقظة ويحتاج إلى خبرة. هذه حرب – أي الحرب ضد الحوثيين – هي في الحقيقة حرب عربية، موجهة لإيران الفارسية، التي تتمدد، باسم الحسينيات، في المنطقة يوماً بعد يوم.. فمن هو هذا العربي الذي استهان بالضلع الرابع، ومن هو هذا العربي الذي يقوم حالياً بتوثيق علاقاته مع إيران. ولماذا؟ هل يريد إطالة أمد المأساة في اليمن؟ أم يسعى لاسترضاء الفرس على حساب العرب؟       

لقد هجمت قوات العمالقة على قوات الإخوان، في جنوب اليمن، وسيطرت على قطاع مهم للنفط بمحافظة شبوة. والقوات الموالية للانفصاليين (العمالقة)، تحتجز حالياً عناصر من الإخوان كانوا يتمركزون في المنطقة النفطية في شبوة. فكيف الحال داخل المجلس الرئاسي، بل كيف الحال داخل التحالف العربي؟ ومن يعمل ضد من؟!  

يبدو أن الضلع الخاص بإدارة ملفات الخارج، غير موجود لدى بعض البلدان داخل التحالف العربي. يبدو كذلك أنه موجود، لكن يتم التلاعب به. فمن الذي سمح للإخوان بحمل السلاح؟ ومن ترك العمالقة على أفكارهم الانفصالية ذاتها؟ في الحرب التلاعب خطر، ويؤدي لمآس إنسانية.. قتل وجوع وتشريد ونزوح. بالإضافة إلى استقواء الميليشيات الحوثية.

من اللافت أن هذا يحدث بالتزامن مع مغازلة بعض الدول الموجودة في التحالف العربي، لإيران. فإحدى هذه البلدان سترسل سفيراً لها إلى طهران خلال أيام، بعد أن كانت قد خفضت علاقاتها معها أثناء بدء الحرب العربية على حلفاء إيران في اليمن، قبل ست سنوات. ومن اللافت كذلك أن الضلع الرابع لإدارة أزمات الخارج، ما زال غائبا لدى بعض البلدان العربية!  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى