مقالات

أيمن مدين يكتب: بريكس وتغيير النظام المالى العالمى

لم يكن ليأتى بحسبان البيت الأبيض ولا حتى ضمن أسوء السيناريوهات التى قد يتوقع حدوثها وهو يخطط لتوريط خصمه ( روسيا ) فى حرب طويلة الأمد مع جارتها أوكرانيا والتى  يهدف من خلالها لإستنزاف قوة روسيا المتصاعدة والتى وجهتها لوقف سير مخططاته لتقسيم الشرق الأوسط ( الشرق الأوسط الجديد ) بل وذهبت لأبعد من ذلك حيث وصلت المواجهة بينهما إلى صراع النفوذ بقارة إفريقيا  ( القارة البكر )  أن ينقلب السحر على الساحر وتسقط أمريكا ذاتها وحلفائها الغربيين فى هذا الفخ الذى نصبوه لها بأنفسهم فعلى الرغم من توقيع حزم من العقوبات الشديدة والقاسية على روسيا لم تتأثر روسيا نفسها بنفس القدر الذى تأثرت به أمريكا وحلفائها الذين عانوا من ارتفاع نسب التضخم ما تسبب فى خروج المتظاهرين المطالبين بزيادة الرواتب لكى يتمكنوا من مواجهة موجات الغلاء بل أن الأمر وصل إلى حد إعلان مسئولين امريكيين إحتمالية تخلف الجانب الأمريكي عن سداد ديونه وانعكاسات ذلك السلبية على الإقتصاد العالمى  ما جعل إدارة بايدن تسارع بعقد لقاءات مكثفة مع قادة الكونجرس الأمريكي للنظر فى كيفية الوصول لحل لهذه الأزمة  والتى شهدت صعوبات والتى بالكاد تم حلها إلا انها انتهت بإتفاق مؤقت يساعد على تفادى العواقب التى قد تحدث نتيجة التخلف عن السداد على الإقتصادين الأمريكي والعالمى . ولم يكد البيت الأبيض يلتقط أنفاسه عقب إنتهاء أزمة سقف الدين حتى جاء إجتماع وزراء خارجية مجموعة بريكس بجنوب إفريقيا للتحضير للقمة المرتقبة بحضور السعودية وإيران هاتان الدولتان النفطيتان الكبيرتان فى مجال إنتاج النفط والذى اعقبه اتفاق دول أوبك بلس على خفض جديد للإنتاج النفطى ما يزيد من الضغوط على امريكا والغرب اللذان لطالما سعوا لوضع سقف لسعر بيع النفط الروسى بل ويزيد من إرتفاع  أسعار النفط  مصدر الطاقة الذى تعتمد عليه أمريكا وأوروبا كثيرا ليس فقط فى دعم استمرار إنتاج ألتها الصناعية بل ومختلف مناحى الحياة ما يعنى إستمرار موجات التضخم وصعوبة السيطرة عليها . لكن هذا ليس كل شئ فما يقلق واشنطن وبدأ محللون ومتخصصون الحديث عنه هو جدول أعمال قمة بريكس المرتقبة أغسطس القادم بجنوب إفريقيا والتى ستنظر فى إنضمام عدد من الدول إليها وهو ما سيساهم فى توسيع مظلة التكتل وبكل تأكيد سيزيد من قوة المجموعة والتى قد نجحت بالفعل فى التفوق على مجموعة السبع حيث توفر بريكس 31.5% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى مقابل 30.7% لمجموعة السبع .

بريكس بلس

 أظهرعدد لا بأس به من الدول رغبة فى الإنضمام لمجموعة بريكس وتبنى أفكارها التى أعلنتها المجموعة منذ التأسيس وهو إعادة التوازن للنظام العالمى والقضاء تماما على فكرة الإحادية القطبية والتى ظلت تسيطر على السياسة العالمية فى اعقاب الحرب العالمية الثانية وما نتج عن هذا النظام من عواقب وخيمة وأعباء أثرت سلبا على دول العالم النامية  وتسبب فى إنتشار المجاعات والأمراض والأوبئة بهذه الدول التى أمضت أعوام طويلة تمد يد الحاجة لمساعدات من الدول التى سيطرت على ثروات بعض تلك الدول وظلت تنهبها بجشع دون النظر لألام شعوبها جراء هذا النظام الذى لا ينظر فيه للعدالة والمساواة سوى عبر الشعارات الجوفاء المفرغة من أى تطبيق حقيقى . وهو ما جعل أعداد هذه الدول تزداد يوما بعد يوم فى إعلان لرفع راية التمرد ضد هذه الأوضاع البائسة التى فرضها عليها هذا النظام الإحادى .

ومن ضمن هذه الدول ( مصر – المملكة العربية السعودية – الجزائر– البحرين – الإمارات العربية المتحدة – إيران – الأرجنتين  – إندونيسيا – بيلاروسيا – تركيا – فنزويلا- السنغال ) وغيرها

بنك التنمية الجديد ( بنك بريكس )

أسست مجموعة بريكس بنك التنمية الجديد عام 2014 والمعروف ببنك بريكس ويهدف البنك لدعم وتمويل مشارع تطوير البنية التحتية ومشاريع التنمية المستدامة فى دول المجموعة والإقتصادات الناشئة الاخرى كما يلعب البنك دور فى منع الأزمات المالية فى دول المجموعة عبر تقديم دعم قوى للتصدى للأزمات ومع توسع المجموعة و إنضمام دول جديدة خاصة الدول النفطية والغنية سيزيد من القدرات المالية للبنك والمجموعة ما سيساهم فى التصدى للبنك الدولى وإملائاته التى تمكنه من التدخل فى بعض الدول التى تسعى للإقتراض منه .

إطلاق عملة بريكس الموحدة

أعلنت دول البريكس نيتها إطلاق عملة موحدة وهو الأمر الذى يثير مخاوف الأمريكان لما يشكله الأمر من خطورة على عملتهم الدولار والذى يهيمن بشكل كبير على عمليات التبادل التجارى والإحتياطيات العالمية خاصة فى ظل الصفعة التى تلقاها الدولار عقب إعلان روسيا وقف التعامل بالدولار الأمريكي واستبداله بالروبل الروسى فى تحصيل فواتير مبيعات الطاقة لأوروبا وما ترتب على ذلك من تراجع الدولار أمام الروبل الروسى . ويرى جوزيف دبليو سوليفان الخبير الإقتصادى فى مجلس البيت الأبيض للمستشارين الإقتصاديين بفترة ترامب الرئاسية إن عملة بريكس سوف تهز هيمنة الدولار وتمهد لإنهاء عصر الدولرة . وعلى الرغم من إشارة البعض إلى صعوبة إطلاق بريكس عملة موحدة إلا أنه بمجرد إعتماد دول المجموعة نظام التبادل التجارى بالعملات الوطنية سيمثل صفعة قوية للدولار وهو من شأنه أن يشجع ويفتح الباب أمام دول اخرى من خارج المجموعة لإدارة ظهرها للدولار والعمل على إبرام إتفاقيات للتبادل بالعملات الوطنية وهو ما سيعيد النظر فى تقييم الدولار نفسه وعملات تلك الدول بالنهاية سيساهم ذلك كله فى هز عرش الدولار ويزيد من الضغوط عليه والتى قد تجعل إنتهاء عصر الدولرة مسألة وقت . وبالتالى يتغيير النظام المالى العالمى ليؤسس لنظام جديد لا يهيمن فيه عملة بعينها على التبادلات التجارية بشكل يدعمها ويقيمها بشكل غير عادل فى مواجهات باقى العملات الاخرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى