مقالات

الإمام العباس بن الإمام علي عليهما السلام.. قمر بني هاشم وحامل لواء الحسين في كربلاء وساقي العطاشى

قلم وصوت ومحام آل البيت

الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

الإمام أبُو الفَضْلِ العَباسُ الأَكْبر بْنُ عَلِيٍ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ القُرَشِيُ هو إبن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أمه أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية تزوجها بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعباس في اللغة بمعنى أسد الغابة الذي تفر منه الأسود ، وزوجه الإمام العباس عليه السلام هي لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب عليهما السلام وانجب منها عبيد الله بن العباس عليه السلام.

وُلد سنة 26 هـ في اليوم الرابع من شهر شعبان حسب بعض الروايات ، وكان استشهاده عليه السلام يوم 10 محرم 61هـ الموافق 10 اكتوبر 680م (35 سنة) في كربلاء

يكنى بأبي الفضل وأبي القاسم ، السقّاء ( وذلك لما قام به من إقدام وبذله من تضحيات في جلب الماء إلى معسكر الحسين )، أبو قِربة، ساقي العطاشى ، سبع القنطرة، الكفيل، قمر بني هاشم، قمر العشيرة، بدر الهواشم، كبش الكتيبة، باب الحوائج، حامل اللواء، بطل العلقمي، باب الحسين.

كان صاحب اللواء يوم العاشر من المحرم، وهو الذي اقتحم صفوف العدو وكسر الحصار يومي السابع والعاشر من المحرم، وتمكّن من جلب الماء لمعسكر الحسين في المحاولة الأولى فلقّب بالسقّاء، واستشهد في طريق عودته من المحاولة الثانية بعد أن قطعت يداه وأصيبت عينه بسهم وضرب بعمود على رأسه وأريق ماء القربة.

سيرته

بعد رحيل فاطمة بنت محمد الزوجة الأولى لعلي بن أبي طالب، توجه أباه لعمه عقيل بن أبي طالب، فسأله بالنص أن يختار له زوجة «قد ولدتها الفحولة من العرب»،

«أنظر إلى امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا. فقال له: تزوج أم البنين الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها. فتزوجها،

ولما كان يوم الطف قال شمر بن ذي الجوشن الكلابي لعنه الله للإمام العباس واخوته عليهما السلام : أين بنو أختي؟ فلم يجيبوه ، فقال الحسين لاخوته ، أجيبوه وإن كان فاسقا فإنه بعض أخوالكم ، فقالوا له: ما تريد؟ قال: أخرجوا إلى فإنكم آمنون ولا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم ، فسبوه وقالوا له: قبحت وقبح ما جئت به أنترك سيدنا وأخانا ونخرج إلى أمانك؟. وقتل الإمام العباس عليه السلام هو وإخوته الثلاثة في ذلك اليوم.»

يقول عبد الرزاق المقرم: «هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند إنتهاء السلسلة إلى أمير المؤمنين فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب؟ قمر الهاشميين».

كما يقول أيضاً: «وقد ظهرت في أبي الفضل (العباس) الشجاعتان الهاشمية التي هي الأربى والأرقى فمن ناحية أبيه سيد الوصيين، والعامرية فمن ناحية أمه أم البنين»

وروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
«كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً.»

وروي أيضا عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام:
«رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجلّ منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وأن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطونها جميع الشهداء يوم القيامة.»

وقد عاصر العباس الحروب التي خاضها أبوه ومقتل عثمان بن عفان، ثم بيعة أبيه، ثم معركة الجمل، ومعركة صفين، ومعركة النهروان.

ليس الإمام العباس عليه السلام بطلا فحسب إنما كان عالماً فاهماً لشرع الله وسيرة رسول الله.

صفاته

أن الإمام العباس عليه السلام رجل وسيم جسيمٌ، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض.
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»
وقد كان صاحب لواء الحسين، واللِّواء هو العلم الأكبر، ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر.

الإمام العباس عليه السلام في كربلاء

كان صاحب لواء الحسين في معركة كربلاء واللواء هو العلم الأكبر ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر.

و لما طلب الإمام الحسين عليه السلام من أصحابه الرحيل قام إليه أخاه الإمام العباس عليه السلام فقال: «ولِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.»

ومن أشهر مواقفه في كربلاء لما أخذ عبد الله بن حزام إبن خال العباس أماناً من ابن زياد للعباس وإخوته من أمه قال العباس وإخوته: لا حاجة لنا في الأمان ، أمان الله خير من أمان ابن سمية.

ومن شجاعته أنه في كربلاء حين حوصر أربعةُ رجال بين الأعداء ندب إليهم الإمام الحسين أخاه العباس عليهما السلام فحمل على القوم وضرب فيهم بسيفه حتى فرقهم عن أصحابه ووصل إليهم فسلموا عليه وأتى بهم ولكنهم كانوا جرحى… ».” «يقال لما أدخلت الرايات على دعي بني أمية يزيد ورأى راية العباس ومابها من طعن وضرب من جميع انحائها إلا من جهة المقبض سأل لمن هذه الراية فقيل له للعباس فقام يزيد ثلاث مرات وجلس من حيث لايعلم»((إبراهيم العامري))

واشتهر بالسقاء لأنه قتل وهو يحاول احضار الماء للعطاشى من آل البيت عليهما السلام في كربلاء وعندما عاد بالقربة غال به القوم وأوقعوه من فرسه وقطعوا كفيه ومزقوا القربة.

كان الإمام العباس عليه السلام طويل القامة جميل الصورة، ولا نظير له في الشجاعة، وقد سمي بقمر بني هاشم لحسنه وجماله ، وهو حامل لواء الحسين يوم العاشر، وساقي خيام الأطفال والعيال ، وكان يتولّى في مخيم أخيه إضافة إلى جلب الماء، حراسة الخيم والاهتمام بأمن عيال الحسين عليه السلام.

وظل الإستقرار يسود الخيام ما دام هو على قيد الحياة، وهو كما قال الشاعر: اليوم نامت أعين بك لم تنم وتسهدّت أُخرى فعزّ منامها في يوم عاشوراء استشهد أخوة العباس الثلاثة قبله، ولما جاء هو أخيه الحسين طالباً الأذن للبروز إلى الميدان، أمره أخوه بجلب الماء للأطفال العطاشى في الخيام. فسار أبو الفضل نحو الفرات وملأ القربة، وعند العودة للخيام اشتبك مع جيش العدو الذي يحاصر الماء، وقطعت يداه، واستشهد هناك. وقبل هذا كان قد برز للقتال عدّة مرات إلى جانب سيد الشهداء وقاتل جيش يزيد.

استشهاده

كان الإمام العباس عليه السلام مظهراً ورمزاً للإيثار والوفاء والتفاني. لما دخل الفرات كان في غاية العطش لكنه لم يشرب الماء بسبب عطش أخيه الإمام الحسين عليه السلام، بل وخاطب نفسه بالقول: يا نفس من بعد الحسـين هوني وبـعـده لا كنـت أن تكـونـي هـذا الحسـين وارد المنــون وتشـربيـن بـاردُ المـعـيـنتـ الله مـا هـذا فِـعَـالُ ديـني وأقسم أن لا يذوق الماء(بحار الأنوار 41:45)،

ولما قطعت يمينه أنشد يقول: والله لـو قطعـتموا يمـينــيإني أحـامـي أبـداً عن ديـني وعـن إمـام صـادق اليقيــن نجـل النـبي الطـاهر الأميـنيا نفس لا تخـشي من الكـفـار وابشـري برحـمـة الجـبّـار مـع النبي السـيد المختــار قـد قطـعوا ببغيهـم يسـاري فاصـلهم يـا ربِّ حـر النـار

ترك استشهاد العباس مرارة وألماً في قلب الحسين(عليه السلام)، ولما سار مصرعه ووقف عند رأسه قال قولته الطافحة بالألم والأسى: “الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي”(معالي السبطين 446:1، مقتل الخوارزمي 30:2) وبقى جسده إلى جانب نهر العلقمي فيما رجع الحسين إلى الخيام وأخبر أهل البيت بمصرعه، ودُفنَ- حين دُفنت أجساد أهل البيت- في نفس ذلك الموضع.

عند استشهاد الإمام العباس عليه السلام تروي المصادر أن الإمام الحسين عليه السلام وقف عند رأس أخيه وقال «الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدوي» وحاول حمله إلا أن العباس رفض معللا أنه يستحي من الأطفال ومن سكينة بنت الحسين لأنه لم يحضر الماء وكذلك قام بمواساة أخيه الحسين حيث قال العباس عليه السلام:«أنت تمسح الدم والتراب عني وتواسيني وتنقلني إلى الخيم بعد ساعة وعند سقوطك من سيمسح الدم والتراب عن وجهك».
وبقي الإمام الحسين ورأس أخيه العباس عليهما في حجره حتى فاضت روحه في اليوم العاشر من محرم الحرام من العام الحادي والستين للهجرة النبوية.

و من أهم ما قيل بحق الإمام العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من أقوال الشعراء فيه

1 ـ قال راضي القزويني:
أبا الفضل يا من أسس الفضل والإبا أبى الفضل إلا أن تكون له أبا
تطلّبت أسباب العلى فبلغتها وما كلّ ساعٍ بالغ ما تطلّبا
ودون احتمال الضيم عزّ ومنعة تخيّرت أطراف الأسنّة مركبا

2 ـ قال جعفر الحلّي:
وقع العذاب على جيوش أُميّة من باسلٍ هو في الوقائع معلم
عبست وجوه القوم خوف الموت والعباس فيهم ضاحك يتبسّم
قلب اليمين على الشمال وغاص في الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم
ما كرّ ذو بأسٍ له متقدّماً إلّا وفرّ ورأسه المتقدّم
صبغ الخيول برمحه حتّى غدا سيان أشقر لونها والأدم
ما شدّ غضباناً على ملمومه إلّا وحلّ بها البلاء المبرم
بطل تورّث من أبيه شجاعة فيها أنوف بني الضلالة تُرغم

3 ـ قال حفيده الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس:

إنّي لأذكر للعباس موقفه بكربلاء وهام القوم يختطف
يحمي الحسين ويحميه على ظمأ ولا يولي ولا يثني فيختلف
ولا أرى مشهداً يوماً كمشهده مع الحسين عليه الفضل والشرف
أكرم به مشهداً بانت فضيلته وما أضاع له أفعاله

مدفنه

للامام العباس بن علي عليهما السلام مشهد كبير في مدينة كربلاء بجوار مشهد الإمام الحسين عليه السلام تعلوه قبة ذهبية، وتحث المصادر الشيعية على زيارة قبره وأن زيارته واجبة مع زيارة أخيه الإمام الحسين عليه السلام.

كما ويوجد في لبنان في بلدة النبي شيت – البقاعية، (بلدة عباس الموسوي) يوجد مزار موجود منذ القدم في هذه البلدة ويسمى المزار (مزار أبو الفضل العباس)كما ويوجد ضريح في هذا المزار، ويقال أنه أثناء السبي من كربلاء إلى الشام قد مروا من بلدة النبي شيت وقبلها من بعلبك حيث يوجد حالياً مقام السيدة خولة بنت الحسين عليهما السلام التي قتلت على الطريق مع عمتها السيدة زينب عليها السلام وهم في طريقهم إلى الشام ومعها كفين الإمام العباس عليه السلام،
كما يوجد في بلدة حورتعلا القريبة من بلدة النبي شيت ضريح ومقام (عبد الله ابن الحسن عليهما السلام) قتل أثناء رحلة السبي من بعلبك إلى النبي شيت، ودفن في بلدة حورتعلا وله من الفضل والكرامات الكثيرة.

أن للإمام العباس عليه السلام مكانة جليلة، والتعابير الرفيعة الواردة في زيارته تعكس هذه الحقيقة. وتنصّ زيارته المنقولة عن الإمام الصادق عليه السلام على عبارات من قبيل: ” السلام عليك أيّها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين. . . أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذّابّون عن أحبّائه . . .”(مفاتيح الجنان:435)، وهي تؤكد على ما كان يتصف به من العبودية لله والصلاح والطاعة، وأنه استمرار لخط مجاهدي بدر، وأولياء الله والمدافعين عن أولياء الله

جاء اسمه في زيارة الناحية المقدسة على لسان الإمام المهدي عليه السلام، وسلّم عليه كالآتي: “السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه. . .”(بحار الأنوار 66:45)

المصدر / موسوعة عاشوراء / الشيخ جواد محدثي.

أولاد الإمام العباس واحفاده عليهما السلام:

اولاد سيدنا العباس واحفاده كانوا جميعاً علماء فضلاء، أبرار أتقياء وكانوا كلهم ذوي شأن عظيم ومقام كريم من الجلالة والعظمة والعلم والحلم والزهد والعبادة والسخاء والخطابة يستفيد الناس من علومهم وكمالاتهم.

كان لسيدنا ابي الفضل العباس بن علي عليه‌السلام ولدان: عبيد الله والفضل، وأمهما لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب هي زوجة سيدنا العباس. اما عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين فقد كان عالماً كبيرا ومنه العقب فإن الفضل اخاه لا عقب له، وكان عبيد الله بن العباس – كما قال النسابة العمري في (المجدي) – من كبار العلماء موصوفاً بالجمال والكمال والمرؤة؛ مات سنة 155 هـ، تزوج من ثلاث عقائل كريمات الحسب:

رقيه بنت الحسن بن علي
وبنت معبد بن عبد الله بن عبد المطلب
وبنت المسور ابن مخرمة الزبيري

كذا ذكر السيد البحاثة المقرم في كتابه (قمر بني هاشم) ثم قال: ولعبيد الله منزلة كبيرة عند السجاد كرامة لموقف ابيه ابي الفضل العباس عليه‌السلام، وكان اذا رأى عبيد الله بن العباس رقّ واستعبر باكياً، فاذا سئل عنه قال: اني اذكر موقف ابيه يوم الطف فما املك نفسي، ولعبيد الله بن العباس ولدان: عبد الله والحسن، وانحصر العقب في الحسن فان عبد الله أخاه لاعقب له، وذرية الحسن بن عبيد الله ابن العباس لهم فضل وعلم وأدب وهم خمسة كلهم أجلّاء فضلاء ادباء وهم: الفضل، الحمزة، ابراهيم، العباس، عبيد الله.

قال الداودي في عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب: كان اكبرهم العباس وكان سيداً جليلاً. قال النجاري: ما رؤي هاشمي أعضب لساناً منه. وفي البحار عن تاريخ بغداد: انه جاء إلى بغداد ايام هارون الرشيد فاكرمه واعظمه واحترمه وبعده في ايام المأمون زاد المأمون في اكرامه حيث كان فاضلاً شاعراً فصيحا، ويظنه الناس انه اشعر اولاد ابي طالب. ومن شعره قوله مفتخراً:

وقالت قريش لنا مفخُر *** رفيعُ على الناس لاينكرُ
فقد صدقوا لهمُ فضلهم *** وبينهم رتبُ تقصر
وأدناهم رحمآ بالنبي *** اذا فخروا فيه المفخر
بنا الفخر منكم على غيركم *** فأمّا علينا فلا تفخروا
ففضل النبي عليكم لنا *** أقرّوا به بعد ما انكروا
فان طرتم بسوى مجدنا *** فان جناحكم الاقصر

وقال الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج 12 ص 136: العباس بن الحسن بن عبيد الله كان عالما شاعراً فصيحا من افصح رجال بني هاشم لسانا وبيانا وشعرا، ويزعم اكثر العلوية انه اشعر ولد أبي طالب

ومن شعره يذكره إخاه ابي طالب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله – لعبد الله – والد رسول الله لأبيه وامه – من بين اخوته:

إنا وان رسول الله يجمعنا *** ابُ وامُّ وجد غير موصوم
جاءت بنا ربّة من بين اسرته *** غرّاء من نسل عمران بن مخزوم
حزنا بها دون من يسعى ليدركها *** قرابة من حواها غير مسهوم
رزقا من الله اعطانا فضيلته *** والناس من بين مرزوق ومحروم

قال الداودي (في عمدة الطالب): واما الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد كان لسناً فصيحاً، شديد الدين عظيم الشجاعة محتشماً عند الخلفاء ويقال له: ابن الهاشمية، وهو الذي يؤبن جده ابا الفضل شهيد الطف بقوله:
أحقّ الناس ان يبكي عليه *** فتى أبكى الحسين بكربلاء

الابيات المتقدمة.
اقول: واعقب الفضل من ثلاثة: جعفر والعباس ومحمد .

واما الحمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد كان يشبّه بجده امير المؤمنين عليه‌السلام. خرج توقيع المأمون بخطه وفيه: يٌعطى الحمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين ألف درهم لشبهه بجده امير المؤمنين. تزوج زينب بنت الحسين بن علي ابن عبد الله بن جعفر الطيار المعروف بالزينبي، نسبة الى امه زينب بنت امير المؤمنين،

وكان حفيده محمد بن علي بن حمزة موجهاً شاعراً نزل البصرة وروى الحديث عن الرضا وغيره، مات سنة 286 هـ كذا جاء في عمدة الطالب، وترجمة الخطيب في تاريخ بغداد ج 2 ص 63 وقال: كان رواية للاخبار وهو صدوق وله الرواية عن جماعة كثيرة. وفي تهذيب التهذيب ج 9 ص 352 وصفه بالعلوي البغدادي ونقل عن ابن ابي حاتم انه صدوق ثقة.

واما ابراهيم ويعرف بجردقة كان من الفقهاء والادباء والزهاد، وابنه علي احد الاجواد له جاه وشرف مات سنة 264 وأولد تسعة عشر ولداً، ومن احفاده ابو الحسن علي بن ابراهيم جردقة كان خليفة ابي عبد الله بن الداعي على النقابة ببغداد كذا جاء في (العمدة) وعبد الله بن علي بن ابراهيم جردقة جاء الى بغداد ثم سكن مصر وكان يمتنع من التحدث بها ثم حدث وعنده كتب تسمى الجعفرية فيها فقه على مذهب الشيعة، توفي في مصرفي رجب سنة ثلثمائة واثني عشر كما جاء في تاريخ بغداد ج 10 ص 346 وكان زاهد عصره قد طاف اكثر الاقطار يكتب عن اهل البيت.

واما عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين ففيه يقول محمد بن يوسف الجعفري: ما رايت احداً أهيب ولا أهيا ولاامرأ من عبيد الله بن الحسن تولى إمارة الحرمين مكة والمدينة والقضاء بهما ايام المامون سنة 204 كما ذكر ذلك البغدادي في تاريخ بغداد ج 10 ص 313. وفي سنة 204 وسنة 206 ولاه إمارة الحاج كما ذكر الطبري في ج 10 ص 355. مات ببغداد في زمن المامون وكانت امه وام اخيه العباس ام ولد

نختم بأن الإمام الحسين عليه السلام لما راه أخاه الإمام العباس عليه السلام صريعاً على شاطىء الفرات بكى و أنشأ يقول:
تعدّيتُمُ يا شرّ قوم ببغيكم
و خالفتُمُ دين النبيّ محمّد
أما كان خير الرسْل أوصاكم بنا
أما نحن من نجل النبيّ المسدّد
أما كانت الزهراء أمّي دونكم
أما كان من خير البريّة أحمد
لُعنتم و اُخزيتم بما قد جنيتمُ
فسوف تلاقوا حرّ نار توقّد

فمضى أبوالفضل العباس و إخوته عليهما السلام من أمه شهداء يذبون عن حرم الإمام الحسين (عليه السلام) و حرم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ضاربين أروع أمثلة الشرف و العزة و الكرامة و الإباء و المواساة و الإيثار و الوفاء…

وأما أمّه أمّ البنين سلام الله عليها فقد قالت فيهم :
يا من رأى العباس كر على جماهير النقد
و وراه من أبناء حيدرَ كلّ ليث ذي لبد
اُنبئتُ أنّ ابني اُصيب برأسه مقطوع يد
ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد
لو كان سيفك في يديك لما دنا منه أحد
لا تدعونّي ويكِ أمّ البنين
تذكّريني بليوث العرين
كانت بنون ليَ اُدعى بهم
واليوم أصبحتُ و لا من بنين
أربعة مثل نسور الرّبى
قد واصلوا الموتَ بقطع الوتين
تنازع الخِرصان أشلاءهم
فكلّهم أمسى صريعاً طعين
يـا ليـت شعري أكما أخبروا
بـأنّ عبّاس قطيع اليمين

فسلام عليك يا أبا الفضل العبّاس و على إخوتك عبدالله و جعفر و عثمان يوم وُلدتم، و يوم استشهدتم مظلومين محتسبين، و يوم تُبعثون أحياءً في جنّة الخلد و الرضوان…
السلام عليك يا سيدي يا رسول الله
السلام عليك أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه السلام عليك السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله
السلام عليكم جميعا شهداء كربلاء
السلام عليكم ورحمه الله شهداء آل البيت

قلم وصوت ومحام آل البيت
إبن وليد الكعبة وشهيد المحراب أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام
الشريف عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
الإدريسي المحضي الحسني العلوي الهاشمي القرشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى