مقالات

عماد نصير يكتب: فكر مع الحكومة ج2).. كيلو السرطان بـ 12 جنيه

تعبتر زيوت الطعام مكوناً أساسياً يدخل في أغلب الوجبات بكل مطابخ العالم حسب تنوعها، فهي البديل الأرخص نسبيا عن الكثير من أنواع السمن، وبالتالي تجدها حاضرة في معظم المأكولات، لا سيما في دول الشرق الأوسط، وبالقلب منها العالم العربي بالطبع، وهو الذي تعج موائده بصنوف الأطعمة “المقلية” مثل “الفلافل” وغيرها.. ما يجعل من زيوت المائدة سلعة أساسية وهامة، حتى باتت الحكومات المتتابعة تدعمها وتيسر حصول المواطن عليها.

اللافت في أمر زيوت المائدة في الآونة الأخيرة قضية من الخطورة بمكان، وهي تجميع وشراء الزيوت المستعملة من البيوت بسعر 12 جنيها للكيلو، وهنا أكرر الزيوت المستعملة، فيكفي أن تمتلك “تريسيكل” أو حتى “كارو” لتبدأ مشروعك الناجح، وتجني الربح من خلال عملية إعادة بيع المستعمل بفارق السعر، كون سعر البيع لتجار الجملة يكون في حدود 18 جنيهاً.. يزيد او ينقص قليلاً.

وهنا تطل علينا علامات استفهام كبيرة وبارزة، في أي الصناعات يدخل مثل هذا الزيت، وهو قبل سنة واحدة تقريبا كان مصيره “المجاري”، هل هي صناعة البويات والصابون كما يشاع؟، هل هي صناعات أخرى كالمحروقات “إن وجد”، أم أننا نرى بأم أعيننا مكبرات الصوت تغزو منازلنا في المدن والقرى، لتشتري منا زيوتاً مستعملة، ومن ثم تنقيها نسبياً وتضخها إلينا مرات ومرات، بعد عمليات تكرير طالت أو كثرت، كمنتج صالح للاستهلاك الآدمي، دون دراية منا عن ما إذا كان هو نفسه ذاك الشيء الرديء الذي بعناه تواً؟.

وبالتبعية يبرز تساؤل جاد عن ألجهات التي تجمع الزيوت المؤكسدة والمليئة بالأمراض، سواء كانو تجار تجزئة أو جملة أو مؤسسات صناعية أو حتى شركات تصنيع الزيوت؟، لتتم مراقبتهم ومحاسبتهم، ومعرفة أين تذهب تلك الكميات الضخمة من الزيوت، ربما هناك جريمة تهدد الصحة العامة وتستوجب وقفة.

في الوقت الذي ترصد فيه الحكومة في ميزانية العام الحالي حوالي 109 مليار جنيه على قطاع الصحة فقط، نجد أنه وعلى أعين الحكومة ذاتها يتم تجميع السموم المدمرة للصحة العامة، ووضع تسعيرة لها، وبدلاً من أن ترعى الصحة العامة وتدخر تلك المليارات لتوجهها لقطاعات خدمية أخرى بإجهاض هذه الظاهرة وغيرها، نجد أن مكبرات الصوت حتى وقت كتابة هذه السطور، ما زالت تصدح وتنعق هنا وهناك في الريف والحضر، لتقوض وتهدم جهود الحكومة في الارتقاء بالصحة العامة.

هل يكتفي دور المجالس المحلية ومديريات وإدارات الصحة التابعة لها بالمحافظات، وكل من له دور رقابي، بأدوار نمطية معروفة، أم أن لديها أجهزة رصد لمستجدات الشارع من أنشطة، خاصة التي تتعلق منها بقضايا الشأن العام، وعلى رأسها الصحة العامة؟، خاصة وأن عملية بيع الزيوت الفاسدة والمؤكسدة بالطبع لا تتم في سرية أو من خلال رسائل بريد إلكتروني، بل تتم عبر مكبرات صوت توقظ النائمين، إلا أنها لا تتمكن من اختراق حاجز الصمت حول الضمائر، ولا تستطيع أن توقظها.

                                  نلقاكم في قعدة عرب أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى